الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() أنبياء الأولياء الورثة *** عرف اللّٰه بهم من بعثه ثم في روع إمام واحد *** سر هذا الأمر روح نفته ثم لما عقد اللّٰه له *** و سرى في خلقه ما نكثا شو تلقته على عزته *** منة منه قلوب الورثة موضع القطب الذي يسكنه *** ليس يدريه سوى من ورثه [النبي و الرسول]اعلم أيدك اللّٰه أن النبي هو الذي يأتيه الملك بالوحي من عند اللّٰه يتضمن ذلك الوحي شريعة يتعبده بها في نفسه فإن بعث بها إلى غيره كان رسولا و يأتيه الملك على حالتين إما ينزل بها على قلبه على اختلاف أحوال في ذلك التنزل و إما على صورة جسدية من خارج يلقى ما جاء به إليه على أذنه فيسمع أو يلقيها على بصره فيبصره فيحصل له من النظر مثل ما يحصل له من السمع سواء و كذلك سائر القوي الحساسة و هذا باب قد أغلق برسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم فلا سبيل أن يتعبد اللّٰه أحدا بشريعة ناسخة لهذه الشريعة المحمدية و إن عيسى عليه السّلام إذا نزل ما يحكم إلا بشريعة محمد صلى اللّٰه عليه و سلم و هو خاتم الأولياء فإنه من شرف محمد صلى اللّٰه عليه و سلم إن ختم اللّٰه ولاية أمته و الولاية مطلقة بنبي رسول مكرم ختم به مقام الولاية فله يوم القيامة حشر أن يحشر مع الرسل رسولا و يحشر معنا وليا تابعا محمدا صلى اللّٰه عليه و سلم كرمه اللّٰه تعالى و الياس بهذا المقام على سائر الأنبياء [أنبياء الأولياء]و أما حالة أنبياء الأولياء في هذه الأمة فهو كل شخص أقامه الحق في تجل من تجلياته و أقام له مظهر محمد صلى اللّٰه عليه و سلم و مظهر جبريل عليه السّلام فأسمعه ذلك المظهر الروحاني خطاب الأحكام المشروعة لمظهر محمد صلى اللّٰه عليه و سلم حتى إذا فرغ من خطابه و فزع عن قلب هذا الولي عقل صاحب هذا المشهد جميع ما تضمنه ذلك الخطاب من الأحكام المشروعة الظاهرة في هذه الأمة المحمدية فيأخذها هذا الولي كما أخذها المظهر المحمدي للحضور الذي حصل له في هذه الحضرة مما أمر به ذلك المظهر المحمدي من التبليغ لهذه الأمة فيرد إلى نفسه و قد وعى ما خاطب الروح به مظهر محمد صلى اللّٰه عليه و سلم و علم صحته علم يقين بل عين يقين فأخذ حكم هذا النبي و عمل به على بينة من ربه فرب حديث ضعيف قد ترك العمل به لضعف طريقه من أجل وضاع كان في رواته يكون صحيحا في نفس الأمر و يكون هذا الواضع مما صدق في هذا الحديث و لم يضعه و إنما رده المحدث لعدم الثقة بقوله في نقله و ذلك إذا انفرد به ذلك الواضع أو كان مدار الحديث عليه و أما إذا شاركه فيه ثقة سمعه معه قبل ذلك الحديث من طريق ذلك الثقة و هذا ولي قد سمعه من الروح يلقيه على حقيقة محمد صلى اللّٰه عليه و سلم كما سمع الصحابة في حديث جبريل عليه السّلام مع محمد صلى اللّٰه عليه و سلم في الإسلام و الايمان و الإحسان في تصديقه إياه و إذا سمعه من الروح الملقي فهو فيه مثل الصاحب الذي سمعه من فم رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم علما لا يشك فيه بخلاف التابع فإنه يقبله على طريق غلبة الظن لارتفاع التهمة المؤثرة في الصدق و رب حديث يكون صحيحا من طريق رواته يحصل لهذا المكاشف الذي قد عاين هذا المظهر فسأل النبي صلى اللّٰه عليه و سلم عن هذا الحديث الصحيح فأنكره و قال له لم أقله و لا حكمت به فيعلم ضعفه فيترك العمل به عن بينة من ربه و إن كان قد عمل به أهل النقل لصحة طريقه و هو في نفس الأمر ليس كذلك و قد ذكر مثل هذا مسلم في صدر كتابه الصحيح و قد يعرف هذا المكاشف من وضع ذلك الحديث الصحيح طريقه في زعمهم إما أن يسمى له أو تقام له صورة الشخص فهؤلاء هم أنبياء الأولياء و لا يتفردون قط بشريعة و لا يكون لهم خطاب بها إلا بتعريف إن هذا هو شرع محمد صلى اللّٰه عليه و سلم أو يشاهد المنزل عليه بذلك الحكم في حضرة التمثل الخارج عن ذاته و الداخل المعبر عنه بالمبشرات في حق النائم غير إن الولي يشترك مع النبي في إدراك ما تدركه العامة في النوم في حال اليقظة سواء و قد أثبت هذا المقام للأولياء أهل طريقنا و إتيان هذا و هو الفعل بالهمة و العلم من غير معلم من المخلوقين غير اللّٰه و هو علم الخضر فإن آتاه اللّٰه العلم بهذه الشريعة التي تعبده بها على لسان رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم بارتفاع الوسائط أعني الفقهاء و علماء الرسوم كان من العلم اللدني و لم يكن من أنبياء هذه الأمة فلا يكون من يكون من الأولياء وارث نبي إلا على هذه الحالة الخاصة من مشاهدة الملك عند الإلقاء على حقيقة الرسول فافهم فهؤلاء هم |
|
|||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |