الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() إذ كان لا يستحيل فرض المحال و مما يتضمن هذا المنزل علم العالم العلوي المختص بالفلك الأطلس خاصة و من عمارة و ما تسبيحهم و ما يتعلق به عمن يأخذ و لمن يعطي و من يتلقى منه و العطاء الذاتي و هو عطاء العلة و العطاء الإرادي و هو عطاء الاختيار و معرفة الآخرة و معرفة ما يحصل من التجلي في نفس العبد و تأثير الضعيف في القوي و ما تؤدي إليه الأغراض و الأهواء الربانية السارية في العالم التي يدعيها كل أحد من الحيوان الإنسان و غيره و معرفة الصلاح الذي تسأله الأنبياء من اللّٰه و التصديق الإنساني خاصة و لمن يصدق و بما ذا يصدق و ما ذا يرد و هل يلزمه التصديق بما يحيله دليل العقل و ما منزلته عند اللّٰه و أين ينتهي بصاحبه و هل المؤمنون فيه على السواء أو يتفاضلون و هل يقبل الزيادة و النقص أو هل ينقص في وقت عند قيام شبهة على ما وقع به التصديق و هل إذا قام به النقص في مسألة من مسائل الايمان هل يسرى ذلك النقص في الايمان كله أو يؤثر في زواله بالكلية أو هو مقصور على ما وقعت عليه الشبهة و معرفة سرعة الأخذ الإلهي ما سببها فإنه لما أطلعني اللّٰه تعالى على إنزال هذه الآية بالإنزال الذي يرد على أمثالنا ممن ليس بنبي فإن القرآن و كل كلام ينزل على التالين و المتكلمين في حال تلاوتهم و كلامهم و لو لا ذلك ما تلوا و لا تكلموا و هنا لطائف إلهية لمن نظر فقيل لي اقرأ قلت و ما أقرأ فقيل لي اقرأ ﴿وَ كَذٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذٰا أَخَذَ الْقُرىٰ وَ هِيَ ظٰالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾ [هود:102] فقرأت هذه الآية على ما كنت أحفظها فقيل لي لما وصلت إلى قوله تعالى ﴿إِنَّ أَخْذَهُ﴾ [هود:102] قيل لي قل بك فقلت ما هو في القرآن و لا نزل كذا فقيل لي لا تقل هكذا بل هكذا هو و كذا نزل قل بك و شدد علي فقرأت إن أخذه بك أليم شديد فطلبت معنى ذلك فأقيم لي شخص كنت أعرفه و كان قد افترى علي فقيل لي هذا مأخوذ بك أي بسببك فاقرأ إن أخذه بك أليم شديد و هو ممدود بين يدي فلما فرغ ذلك التنزيل استدعيت بالشخص و قلت له ما رأيت فتأفف علي و أظهر التوبة و خرج عني و هو على حاله من الفرية فلم يكمل الشهر حتى قتله اللّٰه بحجر شدخ رأسه و ما أخذ القاتل من ثيابه و لا فرسه و لا ماله شيئا فشاع الخبر و انتهى إلى السلطان و قرروا عند السلطان إني كنت سبب قتله فما التفت السلطان فلما كان يعد ثلاث سنين جاء القاتل و اعترف بين يدي السلطان بقتله فسأله ما سبب ذلك فقال ما له سبب و لا فعل معي قبيحا إلا أني مررت عليه و هو نائم في خربة و لجام فرسه في يده فزين لي قتله فعمدت إلى حجر كبير فاقتلعته و وازنت رأسه و رميت عليه الحجر فما تحرك و لا أخذت له شيئا و ما طمعت في شيء من ذلك و لا اكترثت فقتله السلطان به و بعث إلى الخبر بذلك و هذا من أعجب التنزلات وجود مثل هذه الزيادة فيعرف العارف من هذا المنزل من أين صدرت و ما اسمها و ما منزلتها من كلام الحق فإن الأخبار النبوية المروية عن اللّٰه لا تسمى قرآنا مع أنها من كلام اللّٰه و يتضمن هذا المنزل علم بدء الخلق و إعادته و كيفية إعادته فإن أهل الكشف اختلفوا في الكيفية فذهب ابن قسي إلى كيفية انفرد بها و ذهب الآخرون إلى غير ذلك على اختلاف بينهم و كذلك اختلف فيه علماء النظر الفكري و يتضمن علم المحبة الإلهية و ثبوتها و علم الستور التي بين المحبوبين و بين ما يؤدي لو وقع من غيرهم إلى عقوبتهم كما قيل و إذا الحبيب أتى بذنب واحد *** جاءت ملاحته بكل شفيع و علم العرش و عددها و صفاتها و علم الإرادة المضافة إليه و ما تأثيرها في حال العارفين و هل هي من نعوت الجلال أو من نعوت الجمال و يتضمن علم الاعتبار و يتضمن علم الوعيد من أي اسم هو و يتضمن علم النفس الكلية و لما ذا لا يلحقها التغيير و ما شرف القرآن على غيره من الكتب و الصحف و الأخبار المروية عن اللّٰه مع أن ذلك كله كلام اللّٰه و ينجر مع هذا العلم في نفس القرآن شرف آية الكرسي على سائر آي القرآن بالسيادة و يس بالقلبية و إذا زلزلت بقيامها مقام نصف القرآن و سورة الكافرون مقام ربع القرآن و كذلك إذا جاء نصر اللّٰه و سورة الإخلاص مقام ثلث القرآن و يس مقام القرآن عشر مرار و لما ذا يرجع ذلك و من هو الموصوف بهذا الفضل هل الدليل أو المدلول أو الناظر في الدليل و يكفي هذا القدر من هذا المنزل ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4] (انتهى الجزء الثاني من كتاب الفتوحات المكية بحمد اللّٰه و عونه و حسن توفيقه و يتلوه المجلد الثالث أوله الباب الموفي ثلاثمائة) |
|
|||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |