الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)
المرتبة الرابعة من مراتب الوجود كما هو الحاء المهملة في المرتبة الرابعة من مخارج الحروف في النفس الإنساني غير أن الحرف له صورة لفظية في القول محسوسة للسمع و ليس لهذا الجوهر الهبائي مثل هذا الوجود و هذا الاسم الذي اختص به منقول عن علي بن أبي طالب رضي اللّٰه عنه و أما نحن فنسميه العنقاء فإنه يسمع بذكره و يعقل و لا وجود له في العين و لا يعرف على الحقيقة إلا بالأمثلة المضروبة كما أن كون الحق ﴿نُورُ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ﴾ [النور:35] لم يعرف بحقيقته و إنما عرفنا الحق به بضرب المثل فقال ﴿مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكٰاةٍ﴾ [النور:35] الآية فذكر الأمور التي تنبغي للمصباح المشبه به نور السموات و الأرض و هو الذي أنارت به العقول العلوية و هو قوله السموات و الصور الطبيعية و هو قوله و الأرض كذلك هذا المعقول الهبائي لا يعرف إلا بالمثل المضروب و هو كل أمر يقبل بذاته الصور المختلفة التي تليق به و هو في كل صورة بحقيقته و تسميه الحكماء الهيولى و هي مسألة مختلف فيها عندهم و لسنا ممن يحكى أقوالهم في أمر و لا أقوال غيرهم و إنما نورد في كتابنا و جميع كتبنا ما يعطيه الكشف و يمليه الحق هذا طريقة القوم كما سئل الجنيد عن التوحيد فأجاب بكلام لم يفهم عنه فقيل له أعد الجواب فإنا ما فهمنا فقال جوابا آخر فقيل له و هذا أغمض علينا من الأول فأمله علينا حتى ننظر فيه و نعلمه فقال إن كنت أجريه فأنا أمليه أشار إلى أنه لا تعمل له فيه و إنما هو بحسب ما يلقى إليه مما يقتضيه وقته و يختلف الإلقاء باختلاف الأوقات [من علم الإلهي علم أنه لا يتكرر شيء في الوجود]و من علم الاتساع الإلهي علم أنه لا يتكرر شيء في الوجود و إنما وجود الأمثال في الصور يتخيل أنها أعيان ما مضى و هي أمثالها لا أعيانها و مثل الشيء ما هو عينه و اعلم أن هذا المعقول الرابع من وجود العقل فيه تظهر العين التي تقبل حكم الطبيعة و هو الجسم الكل الذي يقبل اللطيف و الكثيف و الكدر و الشفاف و هو الذي يأتي ذكره في الفصل الثاني بعد هذا و هذا المعقول إنما قيدنا مرتبته بأنها الرابعة من حيث نظرنا إلى قبوله صورة الجسم خاصة و إنما بالنظر إلى حقيقته فليست هذه مرتبته و لا ذلك الاسم اسمه و إنما اسمه الذي يليق به الحقيقة الكلية التي هي روح كل حق و متى خلى عنها حق فليس حقا و لهذا قال عليه السّلام لكل حق حقيقة فجاء باللفظ الذي يقتضي الإحاطة إذا تعرى عن القرائن المقيدة و هو لفظة كل كمفهوم العلم و الحياة و الإرادة فهي معقولة واحدة في الحقيقة فإذا نسب إليها أمر خاص لنسبة خاصة حدث لها اسم ثم إنه إذا نسب ذلك الأمر الخاص إلى ذات معلومة الوجود و إن لم يعلم حقيقتها فنسب إليها ذلك الأمر الخاص بحسب ما تقتضيه تلك الذات المعينة فإن اتصفت تلك الذات بالقدم اتصف هذا الأمر بالقدم و إن اتصفت بالحدوث اتصف هذا الأمر بالحدوث و الأمر في نفسه لا يتصف بالوجود إذ لا عين له و لا بالعدم لأنه معقول و لا بالحدوث لأن القديم لا يقبل الاتصاف به و القديم لا يصح أن يكون محلا للحوادث و لا يوصف بالقدم لأن الحادث يقبل الاتصاف به و الحادث لا يوصف بالقديم و لا يصح أن يكون القديم حالا في المحدث فهو لا قديم و لا حادث فإذا اتصف به الحادث سمي حادثا و إذا اتصف به القديم سمي قديما و هو قديم في القديم حقيقة و حادث في المحدث حقيقة لأنه بذاته يقابل كل متصف به كالعلم يتصف به الحق و الخلق فيقال في علم الحق إنه قديم فإن الموصوف به قديم فعلمه بالمعلومات قديم لا أول له و يقال في علم الخلق إنه محدث فإن الموصوف به لم يكن ثم كان فصفته مثله إذ ما ظهر حكمها فيه إلا بعد وجود عينه فهو حادث مثله و العلم في نفسه لا يتغير عن حقيقته بالنسبة إلى نفسه و هو في كل ذات بحقيقته و عينه و ما له عين وجودية سوى عين الموصوف فهو على أصله معقول لا موجود و مثاله في الحس البياض في كل أبيض و السواد في كل أسود هذا في الألوان و كذلك في الأشكال التربيع في كل مربع و الاستدارة في كل مستدير و التثمين في كل مثمن و الشكل بذاته في كل متشكل و هو على حقيقته من المعقولية و الذي وقع عليه الحس إنما هو المتشكل لا الشكل و الشكل معقول إذ لو كان المتشكل عين الشكل لم يظهر في متشكل مثله و معلوم أن هذا المتشكل ليس هو المتشكل الآخر فهذا مثل مضروب للحقائق الكلية التي اتصف الحق و الخلق بها فهي للحق أسماء و هي للخلق أكوان فكذلك هذا المعقول الرابع لصور الطبيعة يقبل الصور بجوهره و هو على أصله في المعقولية و المدرك الصورة لا غيرها و لا تقوم الصورة إلا في هذا المعقول فما من موجود إلا و هو معقول بالنظر إلى ما ظهرت فيه صورته موجود بالنظر إلى صورته أ لا ترى الحق تعالى ما تسمى باسم و لا وصف نفسه بصفة ثبوتية إلا و الخلق يتصف بها و ينسب إلى كل موصوف بحسب |
|
|||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
| الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |
||||||||||





