﴿كُنْ فَيَكُونُ﴾ [البقرة:117] و لا بد فهذا هو الأمر الذي لا يعصيه المخاطب أصلا و إنما الإنسان المكلف هو محل ظهور هذا المكون كما إن المكون محل التكوين فيقول للشهادة كن فتكون الشهادة و ما لها محل إلا لسان الشاهد و هو القائل فننسب الشهادة إلى من ظهرت فيه ليس له فيها تكوين و إنما التكوين فيها لله في هذا المحل الخاص و هكذا جميع أفعال المكلفين و كون ذلك الفعل طاعة أو معصية ليس عينه و إنما هو حكم اللّٰه فيه فكنت أشاهد تكوين الأشياء في ذاتي و في ذات غيري أعيانا قائمة ذاكرة لله مسبحة بحمده مع كونها ينطلق عليها اسم معصية و طاعة فطلبت من اللّٰه مسمى المعصية هل له عين وجودية أو لا عين له و هل بينه و بين مسمى الطاعة فرقان أم الحكم سواء ف ﴿إِنَّ اللّٰهَ لاٰ يَأْمُرُ بِالْفَحْشٰاءِ﴾ [الأعراف:28] و ما يتكون شيء إلا عن أمره فهل للمعصية تكوين أم لا فاطلعنا على إن مسمى المعصية إنما هو ترك و الترك لا شيء و لا عين له فوجدناها مثل مسمى العدم فإنه اسم ليس تحته عين وجودية فإن الشأن محصور في أمر لا يفعل أو نهي لا يمتثل و غير ذلك ما هو ثم فإذا قيل لي ﴿أَقِمِ الصَّلاٰةَ﴾ [هود:114] فلم أفعل فعصيت و خالفت أمر اللّٰه فما تحت قولي لم أفعل و خالفت إلا أمر عدمي لا وجود له و كذلك في النهي إذا قيل لي لا تفعل كذا مثل قوله تعالى ﴿لاٰ يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً﴾ [الحجرات:12] فلم أمتثل نهيه و مدلول لم أمتثل عدم لا عين له في الوجود لأنه نفي فاغتبت و معنى فاغتبت أي ظهر في محلي عين موجودة أوجدها الحق بالأمر التكويني و هو القول الموجود في لساني على طريق خاص يسمى الغيبة فامتثل ذلك المقول في لساني أمر سيده و موجدة بالإيجاد و ما أضيف إلي منه إلا كوني لم أمتثل نهيه فانتفى عن محلي الامتثال فما أخذت في الوجهين إلا بأمر عدمي و هو ترك الأمر و النهي و لا بد لي في كل نفس أن أكون في شأن و ذلك الشأن ليس لي فإن الشأن الظاهر في وجودي إنما هو لله و هو قوله ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ [الرحمن:29] و فينا تظهر تلك الشئون و أعياننا أيضا من تلك الشئون و اللّٰه شهيد على ما يخلق منا و فينا و قوله
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية