﴿هٰالِكٌ إِلاّٰ وَجْهَهُ﴾ [القصص:88] فطلبوا ما يبقى و آثروه على ما يفنى فإذا تجلى لهم وجه الحق في الأشياء و لهذا الذاكر بهذا الذكر لم تعد عيناه عن هذا الوجه و لا يتمكن أن تعدو عيناه عنه لأنه بذاته يقيد كل ناظر إليه و إنما جاء بالنهي في هذا الذكر لأنهم ليسوا عين الوجه بل هم المشاهدون للوجه فمن كان منهم قد حصل له تجلى الوجه و بقي معه هذا الذكر فإنما يريد بقاء شهود ذلك الوجه دائما لما يعرف من حال الممكن و ما ينبغي لجلال اللّٰه من الأدب معه حيث لا يحكم عليه بشيء و لا بد و إن حكم هو بذلك على نفسه هذا هو الأدب الإلهي و من لم يبدله بعد ذلك الوجه المطلوب فيطلب بدعائه ذلك الوجه المراد له و على كل حال فلا تعد عينا رسول اللّٰه ﷺ عنهم إلى غيرهم ما داموا حاضرين و من هنا «قال رسول اللّٰه ﷺ في صفة أولياء اللّٰه هم الذين إذا رأوا ذكر اللّٰه لما حصل لهم من نور» هذا الوجه الذي هو مراد لهؤلاء فإن الذي يتجلى له هذا الوجه لا بد أن يكون فيه أثر معلوم له و لا بد فمنه جلي بحيث أن يراه الغير منه و منه خفي بحيث أن لا يراه منه إلا أهل الكشف أو لا يراه أحد و هو الأخفى إلا أنه له في نفسه جلى لأنه صاحب الشهود و حكم غير الأنبياء في مثل هذه الأمور خلاف حكم الأنبياء فإن الأنبياء و إن شاهدوا هؤلاء في حال شهودهم للوجه الذي أرادوه من اللّٰه تعالى بدعائهم و إنهم من حيث إنهم أرسلوا لمصالح العباد لا يتقيدون بهم على الإطلاق و إنما يتقيدون بالمصالح التي بعثوا بسببها فوقتا يعتبون مع كونهم في مصلحة مثل هذه الآية و مثل آية الأعمى الذي نزل فيه ﴿عَبَسَ وَ تَوَلّٰى﴾ [عبس:1] فإن رسول اللّٰه ﷺ ما أعرض عن الأعمى الذي عتبة فيه الحق إلا حرصا و طمعا في إسلام من يسلم لإسلامه خلق كثير و من يؤيد اللّٰه به الدين و مع هذا وقع عليه العتب من حقيقة أخرى لا من هذه الجهة فمن ذلك قوله
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية