﴿وَ لِبٰاسُ التَّقْوىٰ ذٰلِكَ خَيْرٌ﴾ [الأعراف:26] و هو الذي يواري من اللباس ما يستر و يمنع من الضرر و هو ما زاد على الريش فالتقوى في اللباس و في الزاد ما يقي به الرجل وجهه عن السؤال غير اللّٰه و كذلك في اللباس ما يقي به الإنسان برد الهواء و حره و يكون سترا لعورته و هو قوله ﴿يُوٰارِي سَوْآتِكُمْ﴾ و ليس إلا ما يسوءكم ما ينظر إليه منكم هذا الذكر جاء بلفظ الزاد و ورد الأمر به فأعلمنا أنا قوم سفر نقطع المناهل بالأنفاس ﴿رِحْلَةَ الشِّتٰاءِ وَ الصَّيْفِ﴾ [قريش:2] لنطعم من جوع و نأمن من خوف لأنه ما زاد على وقايتك فما هو لك و ما ليس لك لا تحمل ثقله فتتعب به و أقل التعب فيه حسابك على ما لا يحتاج إليه فلما ذا تحاسب عليه هذا لا يفعله عاقل ناصح لنفسه فما ثم عاقل لأنه ما ثم إلا من يمسك الفضل و يمنع البذل و المسافر و ما له على قلة فإنه ما من منهلة يقطعها و لا مسافة إلا و قطاع الطريق على مدرجته من الجنة و الناس و يدخل في الجنة الخواطر النفسية فتقطع بهذا المسافر عن معالي الأمور و أصغر المسافات و أقربها أشقها عليه و هو ما بين النفسين فمن كانت مسافاته أنفاسه كان في أشق سفر لكنه إذا سلم عظمت أرباحه و أمن الخسارة في تجارته فإنهم في سفر تجارة منجية من عذاب أليم بضائعهم الايمان و الجهاد فالإيمان بضاعة تعم النفائس المضنون بها و الجهاد يعم جميع ما جهزنا اللّٰه به من بضائع التكليف و الرسل عليه السّلام هم السماسرة في البيع و الشراء و الصحف و الكتب المنزلة هي الوثائق المكتوبة بين البائع و المشتري و أخبر اللّٰه تعالى أنه ﴿اِشْتَرىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ﴾ [التوبة:111] يعني إلا نفس الحيوانية هي التي اشتراها من النفوس الناطقة المكلفة بالإيمان ﴿وَ أَمْوٰالَهُمْ﴾ [التوبة:111] و هو شري البرنامج فالمشتري بالخيار عند حضور البضائع فإن وافقت ما في البرنامج مضى البيع و صح الشراء و إن لم يوافق فالمشتري بالخيار إن شاء و إن شاء فإن هلك في سفره في الطريق كان في كيس البائع لا في كيس المشتري و هذا السوق نفاق إلا أن الطريق خطر جد الكثرة القطاع فيه فقطاع طريق السفر في المعقولات الشبه و قطاع طريق السفر في المشروعات التأويل لا سيما في المتشابهات و لا يخلو المسافر أن يكون في هذين الطريقين أو في أحدهما فمن لا تأويل له و لا شبهة فليس بمسافر بل هو في المنزل من أول قدم فيمر عليه المسافرون و هو ما يعرض اللّٰه عليه من أحوال عباده فهو كتاجر الدكان تأتيه البضائع من كل جانب كما هم أهل مكة تجبى إليهم ﴿ثَمَرٰاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً﴾ [القصص:57] من لدنه سبحانه و ﴿أَكْثَرَهُمْ لاٰ يَعْلَمُونَ﴾ [الأنعام:37]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية