ثم إن اللّٰه جعل العالم الجسمي و الجسماني في منزلين منزل يسمى الدنيا و منزل يسمى الآخرة و جعل سكانهما الإنس و الجان و المعتبر فيهما الإنس و المعتبر من الإنس الكمل لا غير و هم الذين ذكرهم اللّٰه لا يزيدون عليه في نفوسهم هذا ذكرهم في نفوسهم و في خلواتهم باللسان و أما في العموم فلا إله إلا اللّٰه ثم بعدها أنواع الذكر من سبحان اللّٰه المقيد و المطلق و الحمد لله كذلك و اللّٰه أكبر كذلك و لا حول و لا قوة إلا بالله كذلك فعمر بهذا الصنف المقصود من العالم أولا الدار الدنيا من الدارين و جعل سكناهم فيها بآجال مسماة ينتهون إليها ثم ينتقلون عند فراغ مدتهم إلى الدار الآخرة و نقلتهم على ضربين منهم من ينتقل بموت و هو مفارقة الحياة الدنيا فيحيي بحياة الآخرة و منهم من ينتقل بالحياة الدنيا من غير موت و هو الشهيد في سبيل اللّٰه خاصة و ما يقال فيه بأنه أفضل من الميت إلا أنه أفضل من بعض الموتى ثم إن اللّٰه جعل هذا الصنف الإنساني في الدنيا أمما كثيرين ثم بعث في كل أمة رسولا ليعلمها ما هو الأمر عليه الذي خلقوا له و يعلمهم بما للحق عليهم أن يفعلوه و ما لهم إذا فعلوا ذلك من الخير عند اللّٰه في الدار الآخرة و ما ذا عليهم إذا لم يفعلوا من العقوبة عند اللّٰه في الدار الدنيا إذا علم ولاة أمرهم ذلك و في الآخرة ثم جعل الفضل فيهم فمنهم الفاضل و الأفضل من الأمم و من الرسل و ختم الأمم بأمة محمد ﷺ و جعلهم ﴿خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّٰاسِ﴾ [آل عمران:110] و ختم بمحمد ﷺ جميع الرسل عليه السّلام و ختم بشرعه جميع الشرائع فلا رسول بعده يشرع و لا شريعة بعد شريعته تنزل من عند اللّٰه إلا ما قرره شرعه من اجتهاد علماء أمته في استنباط الأحكام من كتابه و سنة نبيه و أعني بالسنة الحديث لا من قياس و أعني بالقياس هنا قياس فرع على فرع لا قياس فرع على أصل فإن قياس الفرع على الأصل هو المستنبط الذي ثبت بالاجتهاد و جعله الفقهاء أصلا رابعا كما جعلوا الإجماع أصلا ثالثا و هو إجماع الصدر الأول و قالوا إنهم ما أجمعوا على أمر إلا و لا بد أن يعرفوا فيه نصا يرجعون فيه إليه إلا أنه ما وصل إلينا مع قطعنا به فإنه من المحال أن يجتمعوا على حكم لا يكون لهم فيه نص لأن نظرهم و فطرهم مختلفة فلا بد من الاختلاف و قد أجمعوا على أمر فذلك الحكم مقطوع به عندنا أنهم فيه على نص من الرسول ﷺ و لا حكم بإجماع بعد إجماع الصدر الأول فلما كان الأمر على ما قررناه في هذا الباب فاشتغلنا بذكر الأقطاب المحمديين لكون محمد ﷺ سيد الناس يوم القيامة و هو و أمته الآخرون الأولون فاعتبرنا من الرسل محمدا ﷺ و من الأمم أمته ص
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية