يعني بذلك إيواءه إلى اللّٰه فآوى إلى من ﴿يَفْعَلُ مٰا يُرِيدُ﴾ [البقرة:253] و لا اختيار في إرادته و لا رجوع عن علمه فآوى إلى من لا تبديل لديه
فما الجبر إلا ظاهر متحقق *** فما ثم تحيير و ما ثم منقلب
فلا تهربن فالأمر ما قد سمعته *** فإن لم توافقه فما ينفع الهرب
فعلم إلهي عين حالي فما أنا *** عليه فأمليه عليه إذا كتب
فأنت سبقت القول و العلم و الذي *** يؤدي إلى الفوز العظيم أو العطب
فلا ركن أشد من ركنك و ما نفعك و إنما قلنا إنك أشد الأركان من كون القضاء ما جرى عليك إلا بما كسبت يداك و هو ما أعطته قدرتك فأضاف الفعل إليك و ليس إلا ما قررناه من أنه ما علم منك إلا ما أنت عليه فإذا و هى ركنك بالنظر إلى غرضك فلم نفسك فإن الحق المحكوم به تابع أبد الحال المحكوم به عليه فالمحكوم عليه هو الذي جنى على نفسه لا الحاكم بالمحكوم به و إنما تعددت الأركان من أجل الحجب التي أرسلها الحق بينك و بين الأصل و كون الأمر جعله مثل البيت على أربعة أركان ركن العلم و ركن القول و هو قوله عز و جل ﴿هٰذٰا كِتٰابُنٰا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ﴾ [الجاثية:29] و ركن المشيئة و ركن الأصل و هو أنت و هو الركن الأول من البيت و الثلاثة الأركان توابع فمن الناس من استند في حاله إلى علم اللّٰه فيه و منهم من استند إلى مشيئته و منهم من استند إلى ما كتب اللّٰه عليه و صاحب الذوق من يرى جميع ما ذكرناه و وقف مع نفسه و قال أنا الركن الذي مرجع الكل إليه فهو الأول الذي أنبنى من هذا البيت و لكن صاحبه عزيز فإن الصحيح عزيز فالكل معلول عندهم و عندي إن العالم هو عين العلة و المعلول ما أقول إن الحق علة له كما يقوله بعض النظار فإن ذلك غاية الجهل بالأمر فإن القائل بذلك ما عرف الوجود و لا من هو الموجود فأنت يا هذا معلول بعلتك و اللّٰه خالقك فافهم
[خلق الإنسان و الجن لأجل العبادة]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية