﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبٰادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دٰاخِرِينَ﴾ [غافر:60] فوصفهم بأنهم لا يخرجون عن العبودية و أن الذلة حقيقتهم و هو قوله ﴿دٰاخِرِينَ﴾ [النمل:87] فمن لم يرد أن يكون عبدا لي كما هو في نفس الأمر فإنه سيكون عبد الطبيعة التي هي جهنم و يذل تحت سلطانها كما هو ليس هو في نفس الأمر فترك العلم و اتصف بالجهل فلو علم لكان عبدا لي و ما دعا غيري كما هو في نفس الأمر عبد لي أحب أم كره و جهل أو علم و إذا كان عبدا لي بدعائه إياي و لم يتكبر في نفسه أن يكون عبد إلى عند نفسه أعطيته التصريف في الطبيعة فكان سيدا لها و عليها و مصرفا لها و متصرفا فيها و كانت أمته فانظر ما فاته من العز و السلطان من استكبر عن عبادتي و لم يدعني في السراء و كشف الضر تعبدته الأسباب فكان من الجاهلين و مما يؤيد أن الحق عين قوى العبد فالتصريف له لأن العبد لا تصرفه إلا قواه و لا يصرفه إلا الحق فقواه عين الحق دليلنا ما قالته الرسل سلام اللّٰه عليهم في ذلك «فأخبر محمد ﷺ عن اللّٰه أنه قال كنت سمعه و بصره و يده» يعني العبد إذا تقرب إليه بالنوافل حتى يحبه و ذكر قواه التي تصرفه و نزل في القرآن تصديق هذا القول و هو قوله ﴿وَ اللّٰهُ خَلَقَكُمْ وَ مٰا تَعْمَلُونَ﴾ [الصافات:96] و العمل ليس لجسم الإنسان بما هو جسم و إنما العمل فيه لقواه و قد أخبر أن العمل الذي يظهر من الإنسان المضاف إليه أنه لله خلق فالحق قواه و أما موسى فأخذ العالم في ماهية الحق لما دعا فرعون إلى اللّٰه رب العالمين فقال له فرعون ﴿وَ مٰا رَبُّ الْعٰالَمِينَ﴾ [الشعراء:23]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية