أنه ﴿شَدِيدُ الْعِقٰابِ﴾ [البقرة:196] أي يسرع تعالى إلى من هذه صفته بالعقاب و هو أن يعقبه فيما بدله أن التبديل لله عزَّ وجلَّ ليس له فيعرفه أنه ﴿بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [المؤمنون:88] فإن اللّٰه ما قرن بهذا العقاب ألما و متى لم يقرن الألم بعذاب أو عقاب فله محمل في عين الأمر المؤلم فإنه لا يخاف إلا من الألم و لا يرغب إلا في الالتذاذ خاصة هذا يقتضيه الطبع الذي وجد عليه من يقبل الألم و اللذة و قد أعطى اللّٰه لعبيدة في القرآن من الاحتجاج ما لا يحصى كثرة كل ذلك تعليم من اللّٰه فلو كان الشقاء يستأصل الشقي ما بسط اللّٰه لعباده من الرحمة ما بسط و لا ذكر من الحجج ما ذكره و هو قوله ﴿وَ عَلَّمَكَ مٰا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَ كٰانَ فَضْلُ اللّٰهِ عَلَيْكَ عَظِيماً﴾ [النساء:113] و لا يعظم الفضل الإلهي إلا في المسرفين و المجرمين و أما في المحسنين ف ﴿مٰا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ﴾ [التوبة:91] فإن الفضل الإلهي جاءهم ابتداء و به كانوا محسنين و ما بقي الفضل الإلهي إلا في غير المحسنين ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4] و
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية