فمدار هذه المنازلة على هذه الثلاثة الآيات فالتذكر للعلماء الغافلين و الوعظ لا يكون للناس أجمعين و لهذا قال من وعظ الناس لم يعرفني فإنه إنما يعظهم بما يكون مني لا بي و كذلك من يخوفهم إنما يخوف بما يكون مني لا مني فالترغيب لا يجري مجرى الترهيب فإن الترغيب قد يكون في و الترهيب لا يكون إلا مما يكون مني لا مني و اليوم العقيم الذي لا ينتج زمانا مثله أي ليس بعده يوم يكون عنه لأن الأيام في الدنيا كل يوم هو ابن اليوم الذي قبله و هما توأمان ليلة و نهار فالليلة أنني و النهار ذكر فيتناكحان فيولد إن النهار و الليل اللذين يأتيان بعدهما و يذهبان الأبوان فإنهما لا يجتمعان أبدا و في غشيان الليل و النهار و إيلاج بعضهما في بعض يكون ولادة ما يتكون في كل واحد منهما من الأمور و الكوائن التي هي من شئون الحق فيكون الليل ذكرا و النهار أنثى لما يتولد في النهار من الحوادث و يكون النهار ذكرا و الليل أنثى لما يتولد في الليل من الحوادث و تكون الليلة أنثى و النهار ذكر الولادة التوأمين و هما اليوم الثاني و ليلته و الليل أصل و النهار منه كحواء من آدم ثم يقع النكاح و النتاج
«فصل»في الواحدة التي يعظ بها الواعظ
و هي أن يقوم من أجل اللّٰه إذا رأيت من فعل اللّٰه في كونه ما أمرك أن تقوم له فيه إما غيرة و إما تعظيما فقوله في القيام مثنى بالله و برسوله فإنه من أطاع الرسول ﴿فَقَدْ أَطٰاعَ اللّٰهَ﴾ [النساء:80] فقمت لله بكتاب أو سنة لا تقوم عن هوى نفس و لا عيرة طبيعية و لا تعظيم كوني و فرادي إما بالله خاصة أو لرسوله خاصة كما «قال ﷺ لا أرى أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الحديث عني فيقول اتل به علي قرآنا إنه و اللّٰه لمثل القرآن أو أكثر» فقوله أكثر في رفع المنزلة فإن القرآن بينه و بين اللّٰه فيه الروح الأمين و الحديث من اللّٰه إليه و معلوم أن القرب في الإسناد أعظم رتبة من البعد فيه و لو بشخص واحد ينقص من الطريق و ذلك لأنه ينقص حكمه فيه فإنه لا بد أن يكتسب الخبر صورة من المبلغ فلا يبقى على ما هو عليه في الأصل الذي ينقل عنه و لا يكون في الصدق في قول المخبر هذا كلام فلان مثل من ينقله عنه أو يسمعه منه و ذلك لتبدل اللغة و اللسان فيه فإن الترجمان لا ينقل عين ما تكلم به من ينقل عنه و إنما يتكلم في نقله بما فهمه منه و إذا كنت أنت الذي تنقل عنه كنت في طبقته و قد تفهم منه أمرا لم يفهمه منه المترجم لك عنه فبهذا كان الحديث أكثر من القرآن و غايته أن يكون إذا نزل عن هذه الطبقة مثله و ما عدل رسول اللّٰه ﷺ إلى الأكثرية إلا و الأمر أكثر بلا شك و إنما قلنا في القرآن إنه بواسطة لقوله تعالى ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلىٰ قَلْبِكَ﴾ و قوله
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية