و الترجي من اللّٰه واقع عند جميع العلماء كما قال ﴿عَسَى اللّٰهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ﴾ [التوبة:102] فقال العلماء عسى من اللّٰه واجبة و لعل و عسى أختان فعلم اللّٰه أنه يتذكر و لا يكون التذكر إلا عن علم سابق منسي ثم قال لهما لما رأى خوفهما من أنه لا يجيب إلى ما يدعوانه إليه ﴿لاٰ تَخٰافٰا إِنَّنِي مَعَكُمٰا أَسْمَعُ وَ أَرىٰ﴾ [ طه:46] أي أسمع من فرعون إذا بلغتما إليه رسالة ربكما و أرى ما يكون منكما في حقه مما أوصيتكما به من اللين و التنزل في الخطاب فلم يجد فرعون على من يتكبر لأن التكبر من المتكبر إنما يقع لمن يظهر له بصفة الكبرياء فلما رأى ما عندهما من اللين في الخطاب رق لهما و سرت الرحمة الإلهية بالعناية الربانية في باطنه فعلم إن الذي أرسلا به هو الحق فكان المتكلم من موسى و هارون الحق و كان السمع الذي تلقى من فرعون كلام موسى الحق فحصل القبول في نفسه و ستر ذلك عن قومه فإنه شأن الحق أ لا ترى إليه تعالى في القيامة يتجلى في صورة ينكر فيها فهذا من ستره و لما علم فرعون إن الحق سمع خلقه و بصره و لسانه و جميع قواه لذلك قال بلسان الحق ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلىٰ﴾ [النازعات:24] إذ علم إن اللّٰه هو الذي قال على لسان عبده ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلىٰ﴾ [النازعات:24] فأخبر اللّٰه تعالى أنه أخذه ﴿نَكٰالَ الْآخِرَةِ وَ الْأُولىٰ﴾ [النازعات:25]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية