﴿وَ هُوَ شَهِيدٌ﴾ [ق:37] رأى أن سورة القدر لا تقابل بينها و بين سورة الدخان فإن سورة القدر تجمع ما تعطيه سورة الدخان لتفرقه على المراتب فتأخذه سورة الدخان فتفرقه على المراتب لأنها علمت من سورة القدر أنها ما جمعت ذلك و أعطته إياها إلا لتفرقه فسورة القدر كالجابية لسورة الدخان هكذا هو الأمر و هما سورتان لهما عينان و لسانان و شفتان تعرفان و تشهدان لمن دخل هذا المنزل بأنه من أهل المقام المحمود و إنه وارث مكمل و يتضمن هذا المنزل علم المطابقة و المناسبة و المراقبة و علم التلويح و الرمز و علم النفوذ في الأمور من غير مشقة لأن النفوذ في الأمور بطريق الفكر من أعظم المشقات و علم الإبانة و الكشف و علم النشآت الطبيعية هل حكمها حكم النشآت العنصرية أم لا و علم الفرق بين الأنوار و الظلم و لما ذا يرجع النور و الظلمة و هما حجابان بين اللّٰه و عباده و ما يلي العباد من هذه الحجب و ما يلي الحق منها و هل ترفع لأحد أو لا تزال مسدلة و هل تعطي هذه الحجب تحديد المحجوب أم لا فإن أعطت التحديد للمحجوب فبأي نشأة تقيده و تحده هل بنشأة عنصرية أو طبيعية و إن لم تقيده فيما ذا تلحقه هل بما لا يقبل التحيز من العالم فلا يتصف بالدخول في الأجسام و لا بالخروج منها أو تقضي عليه بحكم يخصه خارج عن حكم ما لا يتحيز فلا يقبل المكان و لا الحلول و علم الرحمة التي يتضمنها الإنذار ممن كان و علم الأذواق و علم ما يشقى من الأسماء مما يسعد و علم تعلم اليقين و علم التنزيه في الربوبية و هو صعب التصور و علم مرتبة العلم من مرتبة الشك خاصة و ما تعطي كل مرتبة منهما لمن حل فيها و نزل بها و علم العذاب أ هو من علم الآلام أو هو من علم اللذات و علم عدم قبول التوبة عند حلول البأس و قبولها من قوم يونس خاصة و علم نفوذ قضاء السوابق هل تنفذ بالشر على من هو على بصيرة أو هل هو مختص بالمحجوبين و علم طبقات العذاب و علم الابتلاء و طبقاته و علم النصائح و علم أهل العناية عند اللّٰه مع شمول الرحمة للجميع و قد ابتلوا أهل العناية في الدنيا بما به ابتلي من ليس منهم في الآخرة و لما ذا ترجع عناية اللّٰه بأهله مع الابتلاء و البلاء هل لاقتضاء الدارين أو لاقتضاء سابق العلم و علم وجود الحق بوجوهه في كل فرد فرد من العالم كله و علم توقيت الجمع الأخير من الجموع الثلاثة و علم الاستثناء لما ذا يرجع و علم أين يذهب الجهل و الظن و الشك و العلم بأصحابهم و علم تقدم الموت على الحياة و معلوم أن الموت لا يكون إلا عن حياة و علوم هذا المنزل كثيرة فقصدنا منها إلى التعريف بالأهم من ذلك مما تتعلق السعادة بالعلم به و إن كان العلم كله عين السعادة لكن في العموم ليست السعادة إلا حصول اللذات و نيل الأغراض و الفوز من الآلام ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية