﴿وَ لَوْ كٰانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللّٰهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاٰفاً كَثِيراً﴾ [النساء:82] يعني في نعت الحق و ما يجب له فإن الناظر بفكره في معتقده لا يبقى على حالة واحدة دائما بل هو في كل وقت بحسب ما يعطيه دليله في زعمه في وقته فيخرج من أمر إلى نقيضه و قد دللتك يا أخي على طريق العلم النافع من أين يحصل لك فإن سلكت على صراطه المستقيم
[إن لله عبد قد اعتنى به و اصطنعه لنفسه]
فاعلم إن اللّٰه قد أخذ بيدك و اعتنى بك و اصطنعك لنفسه فالله يحول بيننا و بين سلطان أفكارنا فيما لم نؤمر بالتفكر فيه و قد بان لك بما ذكرناه أنه ما دخل عليهم ما دخل إلا من الفضول و لهذا وقع الخلاف و لعبت بهم الأفكار و الأهواء أ لا ترى الأمر الذي أباح لهم الشارع أن يطلبوا علمه ما اختلف فيه اثنان منهم فلو طلب منهم غير ذلك مما اختلفوا فيه ما اختلفوا أيضا فيه فدل ذلك على أنه ما طلب الحق منهم ذلك فإن قلت فما هو الذي اتفقوا فيه قلنا اجتمعت الأدلة العقلية من كل طائفة بل من ضرورات العقول أن لهم موجدا أوجدهم يستندون إليه في وجودهم و هو غني عنهم ما اختلف في ذلك اثنان و هو الذي طلب الحق من عباده إثبات وجوده فلو وقفوا هنا حتى يكون الحق هو الذي يعرفهم على لسان رسوله بما ينبغي أن يضاف إليه و يسمى به أفلحوا و إنما الإنسان خلق عجولا : و رأى في نفسه قوة فكرية فتصرف بها في غير محلها فتكلم في اللّٰه بحسب ما أعطاه نظره و الأمزجة مختلفة و القوة المفكرة متولدة من المزاج فيختلف نظرها باختلاف مزاجها فيختلف إدراكها و حكمها فيما أدركته فالله يرشدنا و يجعلنا ممن جعل الحق إمامه و التزم ما شرع له و مشى عليه أنه المليء بذلك لا رب غيره
[أن اللّٰه ما بعث الرسل سدى]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية