قلنا تدبر ما هو الغيب الذي اطلع عليه الرسل و بما ذا ربطه فتعلم إن ذلك علم التكليف الذي غاب عنه العباد و لهذا جعل له الملائكة رصدا حذرا من الشياطين أن تلقي إليه ما ينقله إلى الخلق و يعمل به في نفسه من التكليف الذي جعله اللّٰه طريقا إلى سعادة العباد من أمر و نهي ﴿لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسٰالاٰتِ رَبِّهِمْ﴾ [الجن:28] فكأنه مستثنى منقطع أي انقطع هذا الغيب من ذلك الغيب انقطاعا حقيقيا لا انقطاع جزء من كل لما وقع الاشتراك في لفظة الغيب لذلك قلنا مستثنى و لما خالفه في الحقيقة قلنا منقطع بخلاف المستثنى المتصل فإنه أيضا منقطع و لكن بالحال لا بالذات تقول في المتصل ما في الدار إنسان إلا زيدا فهذا المستثنى متصل لأنه إنسان قد فارق غيره من الأناسي بحالة كونه في الدار لا بحقيقته إذ لم يكن في الدار إنسان إلا هو فالانقطاع في الحال لا غير فإذا قلت ما في الدار إنسان إلا حمارا فهذا منقطع بالحقيقة و الحال فكذلك الغيب الذي يطلع عليه الرسل بالرصد من الملائكة من أجل المردة من الشياطين هو الرسالة التي يبلغونها عن اللّٰه و لهذا قال ﴿لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسٰالاٰتِ رَبِّهِمْ﴾ [الجن:28]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية