﴿فَضَّلْنٰا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلىٰ بَعْضٍ﴾ [الإسراء:55] فإن الأعمال كانت هنا في زمن التكليف مقسمة على أربع جهات و لذلك لما علم إبليس بهذه الجهات قال ﴿ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَ مِنْ خَلْفِهِمْ وَ عَنْ أَيْمٰانِهِمْ وَ عَنْ شَمٰائِلِهِمْ﴾ و لم يذكر بقية الجهات لأنه لم يقترن بها عمل فإنها للتنزل الإلهي و الوهب الرباني الرحماني الذي له العزة و المنع و السلطان فالعلوم و إن كثرت فإن هذه الأربعة تجمعها و هي مجال إلهية في منصات ربانية في صور رحمانية و هي في حق قوم مع الأنفاس دائما و هم الذين لا يقولون بالري و في حق قوم إلى أمد معين عينه لهم قوله تعالى يوم الزور و الرؤية ردوهم إلى قصورهم و هم الذين يقولون بالري في هذه المشروبات كلها و في بعضها و المتنوع في الكل من الناس من يكون مشروبه واحدا مما ذكرناه لا ينتقل عنه أبدا و منهم من يتنوع في المشروبات و هو الأتم و كان رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم يحب مزج الماء باللبن فيشربه و مزج العسل باللبن و ما بقي إلا الخمر و ليست دار الدنيا بمحل لإباحته في شرع محمد صلى اللّٰه عليه و سلم الذي مات عليه فلم يمكن لنا أن نضرب به المثل بالفعل كما ضرب النبي صلى اللّٰه عليه و سلم بالفعل بشرب اللبن بالماء و شرب العسل باللبن فشربه رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم خالصا و ممزوجا بما هو حلال له و لذلك أيضا «كان رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم يقول في اللبن إذا شربه اللهم بارك لنا فيه و زدنا منه»
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية