و «قال لأحرقت سبحات وجهه ما أدركه بصره من خلقه» و السبحات الأنوار فهي المظهرة للأشياء و المغنية لها و لما كان الظل لا يثبت للنور و العالم ظل و الحق نور فلهذا يفنى العالم عن نفسه عند التجلي فإن التجلي نور و شهود النفس ظل فيفني الناظر المتجلي له عن شهود نفسه عند رؤية اللّٰه فإذا أرسل الحجاب ظهر الظل و وقع التلذذ بالشاهد و هذا الفصل علم فيه عظيم لا يمكن أن ينقال و لا سره أن يذاع من علمه علم صدور العالم علم كيفية ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4]
«الفصل السادس و الثلاثون»في الاسم الإلهي اللطيف
و توجهه على إيجاد الجن و له من الحروف حرف الباء المعجمة بواحدة و من المنازل المقدم من الدالي قال اللّٰه تعالى في الجان ﴿إِنَّهُ يَرٰاكُمْ هُوَ وَ قَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاٰ تَرَوْنَهُمْ﴾ [الأعراف:27] فوصفهم باللطافة و خلقهم اللّٰه ﴿مِنْ مٰارِجٍ مِنْ نٰارٍ﴾ [الرحمن:15] و المرج الاختلاط فهم من نار مركبة فيها رطوبة المواد و لهذا يظهر لها لهب و هو اشتعال الهواء فهو حار رطب و الشياطين من الجن هم الأشقياء المبعدون من رحمة اللّٰه منهم خاصة و السعداء بقي عليهم اسم الجن و هم خلق بين الملائكة و البشر الذي هو الإنسان و هو عنصري و لهذا تكبر فلو كان طبيعيا خالصا من غير حكم العنصر ما تكبر و كان مثل الملائكة و هو برزخي النشأة له وجه إلى الأرواح النورية بلطافة النار منه فله الحجاب و التشكل و له وجه إلينا به كان عنصريا و مارجا فأعطاه الاسم اللطيف أنه يجري من ابن آدم مجرى الدم و لا يشعر به و لو لا تنبيه الشارع على لمة الشيطان و وسوسته في صدور الناس ما علم غير أهل الكشف إن ثم شيطانا و من حكم هذا الاسم اللطيف في الشياطين من الجن قوله تعالى لإبليس ﴿وَ اسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَ أَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ﴾ [الإسراء:64] ﴿وَ رَجِلِكَ وَ شٰارِكْهُمْ فِي الْأَمْوٰالِ وَ الْأَوْلاٰدِ وَ عِدْهُمْ﴾ [الإسراء:64] قال إبليس ﴿فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاّٰ عِبٰادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ يعني الذين اصطنعهم الحق لنفسه فجعل من لطفه لإبليس متعلقا يتعلق به في موطن خاص يعرفه العارفون بالله
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية