(التوحيد العاشر)
من نفس الرحمن قوله ﴿وَ مٰا أُمِرُوا إِلاّٰ لِيَعْبُدُوا إِلٰهاً وٰاحِداً لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ سُبْحٰانَهُ عَمّٰا يُشْرِكُونَ﴾ [التوبة:31] هذا توحيد الأمر بالعبادة و هو من أعجب الأمور كيف يكون الأمر فيما هو ذاتي للمأمور فإن العبادة ذاتية للمخلوقين ففيم وقع الأمر بالعبادة فأما في حق المؤمنين فأمرهم إن يعبدوه من حيث أحدية العين لما قال في حق طائفة ﴿قُلِ ادْعُوا اللّٰهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمٰنَ أَيًّا مٰا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمٰاءُ الْحُسْنىٰ﴾ [الإسراء:110] فما هي هذه الطائفة التي أمرت أن تعبد إلها واحدا فلا تنظروا في الأسماء الإلهية من حيث ما تدل على معان مختلفة فتتعبدهم معانيها فتكون عبادتهم معلولة حيث رأوا أن كل حقيقة منهم مرتبطة بحقيقة إلهية يتعلق افتقارها القائم بها إليها و هي متعددة فإن حقيقة الطلب للرزق إنما تعبد الرزاق و حقيقة الطلب للعافية إنما تعبد الشافي فقيل لهم لا تعبدوا إلا إلها واحدا و هو أن كل اسم إلهي و إن كان يدل على معنى يخالف الآخر فهو أيضا يدل على عين واحدة تطلبها هذه النسب المختلفة و أما من حمل العبادة هنا على الأعمال فلا معرفة له باللسان فالعمل صورة و العبادة روح لتلك الصورة العملية التي أنشأها المكلف و أما غير المؤمنين و هم المشركون فهم الذين نسبوا الألوهة إلى غير من يستحقها و وضعوا اسمها على غير مسماها و ادعوا الكثرة فيها كما ادعوا الكثرة في الإنسانية فدعواهم فيها صحيحة و ما عرفوا بطلانها في الإلهية و لذلك تعجبوا من توحيدها فقالوا
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية