﴿وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ [البقرة:222] فالتطهير صفة تقديس و تنزيه و هي صفته تعالى و تطهير العبد هو أن يميط عن نفسه كل أذى لا يليق به أن يرى فيه و إن كان محمودا بالنسبة إلى غير و هو مذموم شرعا بالنسبة إليه فإذا ظهر نفسه من ذلك أحبه اللّٰه تعالى كالكبرياء و الجبروت و التفخر و الخيلاء و العجب فمنها صفات لا تدخل القلب جملة واحدة للطابع الإلهي الذي على القلوب و هو قوله ﴿كَذٰلِكَ يَطْبَعُ اللّٰهُ عَلىٰ كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبّٰارٍ﴾ [غافر:35] فيظهر في ظاهره الكبرياء و الجبروت على من استحق من قومه إما في زعمه و تحيله و إما في نفس الأمر و هو في قلبه معصوم من ذلك الكبرياء و الجبروت لأنه يعلم عجزه و ذلته و فقره لجميع الموجودات و أن قرصة البرغوث تؤلمه و المرحاض يطلبه لدفع ألم البول و الخراءة عنه و يفتقر إلى كسيرة خبز يدفع بها عن نفسه ألم الجوع فمن صفته هذه كل يوم و ليلة كيف يصح أن يكون في قلبه كبرياء و جبروت و هذا هو الطبع الإلهي على قلبه فلا يدخله شيء من ذلك و أما ظهور ذلك على ظاهره فمسلم و لكن جعل اللّٰه لها مواطن يظهر فيها بهذه الأوصاف و لا يكون مذموما و جعل لها مواطن يذمه فيها فمن طهر ذاته عن أن ترى عليه هذه النعوت في غير مواطنها فهو متطهر و يحبه اللّٰه كما نفى محبته عن كل مختال فخور : فإنه لا يظهر بهذه الصفة إلا من هو جاهل و الجهل مذموم و لهذا نهى اللّٰه نبيه ﷺ أن يكون جاهلا : و قال لنوح ع ﴿إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجٰاهِلِينَ﴾ [هود:46]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية