﴿وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مٰا كُنْتُمْ﴾ [الحديد:4] و ﴿نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ [ق:16] فإن رجعت إليه من حيث حساب أو سؤال فذلك رجوع في الحقيقة من حال أنت عليها لحال ما أنت عليها و لما كانت الأحوال كلها بيد اللّٰه أضيف الرجوع إلى اللّٰه على هذا الوجه فالراجع إلى اللّٰه إنما يرجع من المخالفة إلى الموافقة و من المعصية إلى الطاعة فهذا معنى حب التوابين فإذا كنت من التوابين على من أساء في حقك كان اللّٰه توابا عليك فيما أسأت من حقه فرجع عليك بالإحسان فهكذا فلتعرف حقائق الأمور و تفهم معاني خطاب اللّٰه عباده و تميز بين المراتب فتكون من العلماء بالله و بما قاله و جاء ذكره لهذه المحبة في التوابين عقب ذكر الأذى الذي جعله في المحيض و كذلك «قال عليه السّلام إن اللّٰه يحب كل مفتن تواب» أي مختبر يريد أن يختبره اللّٰه بمن يسيء إليه من عباد اللّٰه فيرجع عليهم بالإحسان إليهم في مقابلة إساءتهم و هو التواب لا إن اللّٰه يختبر عباده بالمعاصي حاشا اللّٰه أن يضاف إليه مثل هذا و إن كانت الأفعال كلها لله من حيث كونها أفعالا و ما هي معاصي إلا من حيث حكم اللّٰه فيها بذلك فجميع أفعال اللّٰه حسنة من حيث ما هي أفعال فافهم ذلك و من ذلك حبه للمتطهرين قال تعالى
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية