﴿وَ الْمَلاٰئِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ﴾ [الشورى:5] مطلقا من غير تعيين أدبا مع اللّٰه و الأرض جامعة فدخل المؤمن و غيره في هذا الاستغفار ثم إن اللّٰه بشر أهل الأرض بقبول استغفار الملائكة بقوله ﴿أَلاٰ إِنَّ اللّٰهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الشورى:5] و لم يقل الفعال لما يريد و لهذا أيضا قلنا إن مال عباد اللّٰه إلى الرحمة و إن سكنوا النار فلهم فيها رحمة لا يعلمها غيرهم و ربما تعطيهم تلك الرحمة أن لو شموا رائحة من روائح الجنة تضرروا بها كما تضر رياح الورد و الطيب بأمزجة المحرورين فهذا كله من ولاية الملائكة فعم نصرهم بحمد اللّٰه فنعم الإخوان لنا
[نصرة ملائكة التسخير المؤمنين على أعدائهم في القتال]
و أما نصرهم المؤمنين على الأعداء في القتال فإنهم ينزلون مددا بالدعاء و في يوم بدر نزلوا مقاتلين خاصة و كانوا خمسة آلاف و فيه استرواح إذ ليس بنص بقوله ﴿وَ مٰا جَعَلَهُ اللّٰهُ إِلاّٰ بُشْرىٰ لَكُمْ﴾ [آل عمران:126] فكانوا من الملائكة أو هم الملائكة الذين قالوا في حق آدم ﴿أَ تَجْعَلُ فِيهٰا مَنْ يُفْسِدُ فِيهٰا وَ يَسْفِكُ الدِّمٰاءَ﴾ [البقرة:30] فأنزلهم في يوم بدر فسفكوا الدماء حيث عابوا آدم بسفك الدماء فلم يتخلفوا عن أمر اللّٰه و قوله ﴿وَ لِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ﴾ [آل عمران:126] أي من عادة البشرية أن تسكن إلى الكثرة إذ كان أهل بدر قليلين و المشركون كثيرين فلما رأوا الملائكة و هم خمسة آلاف و المسلمون ثلاثمائة و المشركون ألف رجل اطمأنت قلوب المؤمنين بكثرة العدد مع وجود القتال منهم فما اطمأنوا به برؤيتهم و حصل لهم من الأمان في قلوبهم حتى غشيهم النعاس إذ كان الخائف لا ينام
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية