[الفتوة تخيير للعبد من اللّٰه و اختيار من العبد لمولاه]
كان الشيخ أبو مدين رحمه اللّٰه إذا جاءه مأكول طيب أكله و إذا جاءه مأكول خشن أكله و إذا جاع و جاءه نقد علم إن اللّٰه قد خيره إذ لو أراد أن يطعمه أي صنف شاء من المأكولات جاء به إليه فيقول هذا النقد ثمن المأكول جاء به اللّٰه للتخيير و الاختيار فينظر في ذلك الوقت ما هو الأحب إلى اللّٰه من المأكولات بالنظر إلى صلاح المزاج للعبادة لا إلى الفرض النفسي و اتباع الشهوة فإن وافقه كل مأكول حينئذ يرجع إلى موطن الدنيا و ما ينبغي أن يعامل به من الزهد في ملذوذاتها مع صلاح المزاج الذي يقوم بصلاحه العبادة المشروعة فيعدل بحكم الموطن إلى شظف العيش الذي تكرهه النفس لعدم اللذة به و يكتفي بلذة الحاجة فإنه يتناوله عند الضرورة فإن لذة الضرورة ما فوقها لذة لأن الطبع يطلبها و إذا حصل للطبع طلبه التذ به
[لا تحليل و لا تحريم بعد انقطاع الرسالة مع خاتم النبيين]
فالفتى هو من ذكرناه و يسرى فعله و تصرفه في الجماد و النبات و الحيوان و في كل موجود و لكن على ميزان العلم المشروع و إن ورد عليه أمر إلهي فيما يظهر له يحل له ما ثبت تحريمه في نفس الأمر من الشرع المحمدي فقد لبس فيه فيتركه و يرجع إلى حكم الشرع الثابت فإنه قد ثبت عند أهل الكشف بأجمعهم أنه لا تحليل و لا تحريم و لا شيء من أحكام الشرع لأحد بعد انقطاع الرسالة و النبوة من أهل اللّٰه فلا يعول عليه صاحب ذلك و يعلم قطعا أنه هوى نفسي إذ كان ذلك الأمر المحلل أو المحرم في نفس الأمر هذا شرطه و لا يمنع التعريف الإلهي لأهل اللّٰه بصحة الحكم المشروع في غير المتواتر بالمنصوص عليه و أما في المتواتر المنصوص إذا ورد التعريف بخلافه فلا يعول عليه هذا لا خلاف فيه عند أهل اللّٰه من أهل الكشف و الوجود
[من يطرأ عليهم التلبيس في أحوالهم و لا يشعرون بمكر اللّٰه الخفي بهم]
فإنه من المنتمين إلى اللّٰه من يطرأ عليهم التلبيس في أحوالهم من حيث لا يشعرون و هو مكر خفي و كيد متين :
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية