فهم الفجار جاءوا عيون المعارف التي سدها اللّٰه في العموم لكون الفطر أكثرها لا تسعد بتفجيرها لما يؤدي إليه بالنظر الفاسد من الإباحة و القول بالحلول و غير ذلك مما يشقيهم فجاءت هذه الطائفة إلى المعنى ففجرت هذه العيون لأنفسها فشربت من مائها فزادت هدى إلى هداها و بيانا إلى بيانها فسعدت و طالت و عظمت سعادتها فهذا حظ الأولياء من الفجور الذي سموا به فجار أو على هذا الأسلوب نأخذ كل صفة مذمومة بالإطلاق فتقيدها فتكون محمودة و نضع عليك اسما منها كما يسمى صاحب إطلاقها فلتتبع الكتاب العزيز و السنة في ذلك و اعمل بحسبها فإنه يعطيك النظر فيها من حيث ما وصف بها الأشقياء ما لا يعطيك من حيث ما وصف بنقيضها الأتقياء فاجعل بالك و هذا كله من بركة أم الكتاب فإنه مثل هذا النظر ما فتح لأمة من الأمم و عصمت فيه إلا لهذه الأمة و أعظم صفة في الذم الشرك
[الأولياء المشركون]
و منهم المشركون بالله قال تعالى ﴿إِنَّ اللّٰهَ لاٰ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ﴾ [النساء:48] و كذا هو لأنه لو ستر لم يشرك به و هذا الاسم اللّٰه هو الذي وقع عليه الشرك فيما يتضمنه فشاركه الاسم الرحمن قال تعالى ﴿قُلِ ادْعُوا اللّٰهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمٰنَ أَيًّا مٰا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمٰاءُ الْحُسْنىٰ﴾ [الإسراء:110] فجعل للاسم اللّٰه شريكا في المعنى و هو الاسم الرحمن فالمشركون هم الذين وقعوا على الشركة في الأسماء الإلهية لأنها اشتركت في الدلالة على الذات و تميزت بأعيانها بما تدل عليه من رحمة و مغفرة و انتقام و حياة و علم و غير ذلك و إذ كان للشرك مثل هذا الوجه فقد قرب عليك مأخذ كل صفة يمكن أن تغفر فلا تجزع من أجل الشريك الذي شقي صاحبه فإن ذلك ليس بمشرك حقيقة و أنت هو المشرك على الحقيقة لأنه من شأن الشركة اتحاد العين المشترك فيه فيكون لكل واحد الحكم فيه على السواء و إلا فليس بشريك مطلق و هذا الشريك الذي أثبته الشقي لم يتوارد مع اللّٰه على أمر يقع فيه الاشتراك فليس بمشرك على الحقيقة بخلاف السعيد فإنه أشرك الاسم الرحمن بالاسم اللّٰه و بالأسماء كلها في الدلالة على الذات فهو أقوى في الشرك من هذا فإن الأول شريك دعوى كاذبة و هذا أثبت شريكا بدعوى صادقة فغفر لهذا المشرك بصدقه فيه و لم يغفر لذلك المشرك لكذبه في دعواه فهذا أولى باسم المشرك من الآخر
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية