و أما الفعل الخاص بكل خلق فهو إعطاؤه ما يستحقه كل خلق مما تقضيه الحكمة الإلهية و هو قوله ﴿أَعْطىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدىٰ﴾ [ طه:50] أي بين أنه تعالى أعطى كل شيء خلقه حتى لا يقول شيء من الأشياء قد نقصني كذا فإن ذلك النقص الذي يتوهمه هو عرض عرض له لجهله بنفسه و عدم إيمانه إن كان وصل إليه قوله ﴿أَعْطىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ﴾ [ طه:50] فإن المخلوق ما يعرف كماله و لا ما ينقصه لأنه مخلوق لغيره لا لنفسه فالذي خلقه إنما خلقه له لا لنفسه فما أعطاه إلا ما يصلح أن يكون له تعالى و العبد يريد أن يكون لنفسه لا لربه فلهذا يقول أريد كذا و ينقصني كذا فلو علم أنه مخلوق لربه لعلم أن اللّٰه خلق الخلق على أكمل صورة تصلح لربه أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين و هذه المسألة مما أغفلها أصحابنا مع معرفة أكابرهم بها و هي مما يحتاج إليها في المعرفة المبتدي و المنتهي و المتوسط فإنها أصل الأدب الإلهي الذي طلبه الحق من عباده و ما علم ذلك إلا القائلون ﴿رَبَّنٰا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً﴾ [غافر:7] و أما الذين قالوا ﴿أَ تَجْعَلُ فِيهٰا مَنْ يُفْسِدُ فِيهٰا وَ يَسْفِكُ الدِّمٰاءَ﴾ [البقرة:30]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية