[الدائرة العظمى العامة التي هي النبوة المطلقة]
فأما الدائرة العظمى العامة التي هي النبوة المطلقة فمن أعطيها من حيث إطلاقها فلا يعرف أحد ما لديه و ما أتحفه به ربه و هو أيضا لا يعرف قدر ذلك لأنه لا يقابله ضد فيها فيتميز عنه و أما من أعطى منها من باب الرحمة به و تولى الحق بضرب من العطف عليه تعليمه فتعرف إليه بعوارفه ثم عرفه من غيبه ما شاء أن يعرفه كخضر الذي قال فيه ﴿آتَيْنٰاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنٰا﴾ [الكهف:65] أي رحمناه فأعطيناه هذا العلم الذي ظهر به و إن أراد تعالى أنه أعطاه رحمة من عنده جعلها فيه ليرحم بها نفسه و عباده فيكون في حق الغلام رحمة أن حال بينه و بين ما كان يكتسبه لو عاش من الآثام إذ قد كان طبع كافرا و أما رحمته بالملك الغاصب حتى لا يتحمل وزر غصبه تلك السفينة من هؤلاء المساكين فالرحمة إنما تنظر من جانب الرحيم بها لا من جانب صاحب الغرض فإنه جاهل بما ينفعه كالطبيب يقطع رجل صاحب الأكلة رحمة به لبقاء نفسه فالرحمة عامة من الرحيم الراحم و لم أر أحدا أعطى النبوة المطلقة التي لا تشريع لها إلا إن كان و ما عرفته فهذا لا يبعد فإني رأيت من أولياء اللّٰه تعالى ما لا أحصيهم عددا أنفعنا اللّٰه بهم و أما من أعطى النبوة المقيدة بالشرع الخاص به فما على الأرض منهم اليوم أحد و لا يراهم أحد إلا في الموافقة و هي المبشرات و أما النبوة المقيدة بالشرائع ففي الزمان منهم اليوم الياس ﴿وَ إِنَّ إِلْيٰاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ [الصافات:123] و إدريس و عيسى و اختلف في الخضر بين النبوة و الولاية فقيل هو نبي و قيل ولي
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية