و من الأولياء أيضا الصائمون و الصائمات رضي اللّٰه عنهم تولاهم اللّٰه بالإمساك الذي يورثهم الرفعة عند اللّٰه تعالى عن كل شيء أمرهم الحق أن يمسكوا عنه أنفسهم و جوارحهم فمنه ما هو واجب و مندوب و أما قوله تعالى لهذه الطائفة ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيٰامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة:187] تنبيها على غاية توقيت الإمساك في عالم الشهادة و هو النهار و الليل ضرب مثال محقق للغيب فإذا وصلوا إلى رتبة مصاحبة عالم الغيب المعبر عنه بالليل لم يصح هنالك الإمساك فإن إمساك النفس و الجوارح إنما هو في المنهيات و هي في عالم الشهادة فإن عالم الغيب أمر بلا نهي و لهذا سموا عالم الأمر و ذلك لأن عالم الغيب عقل مجرد لا شهوة لهم فلا نهي عندهم في مقام التكليف فهم كما أثنى اللّٰه عليهم في كتابه العزيز ﴿لاٰ يَعْصُونَ اللّٰهَ مٰا أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ مٰا يُؤْمَرُونَ﴾ [التحريم:6]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية