﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى:11]
(إيراد حديث نبوي إلهي)
«خرج مسلم في الصحيح عن أبي هريرة قال قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم قال اللّٰه عزَّ وجلَّ كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي و أنا أجزي به و الصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث يومئذ و لا يسخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم إني صائم و الذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند اللّٰه يوم القيامة من ريح المسك و للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح بفطره و إذا لقي ربه عزَّ وجلَّ فرح بصومه»
[فرح الصائم هو لحوقه بدرجة نفى المماثلة]
و اعلم أنه لما نفى المثلية عن الصوم كما ثبت فيما تقدم من حديث النسائي و الحق ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى:11] لقي الصائم ربه عزَّ وجلَّ يوصف ليس كمثله شيء فرآه به فكان هو الرائي المرئي فلهذا قال صلى اللّٰه عليه و سلم فرح بصومه و لم يقل فرح بلقاء ربه فإن الفرح لا يفرح بنفسه بل يفرح به و من كان الحق بصره عند رؤيته و مشاهدته فما رأى نفسه إلا برؤيته ففرح الصائم لحوقه بدرجة نفي المماثلة و كان فرحه بالفطر في الدنيا من حيث إيصال حق النفس الحيوانية التي تطلب الغذاء لذاتها فلما رأى العارف افتقار نفسه الحيوانية النباتية إليه و رأى جوده بما أوصل إليها من الغذاء أداء لحقها الذي أوجبه اللّٰه عليه قام في هذا المقام بصفة حق فأعطى بيد اللّٰه كما يرى الحق عند لقائه بعين اللّٰه فلهذا فرح بفطره كما فرح بصومه عند لقاء ربه
(بيان ما يتضمنه
هذا الخبر)
و لما كان العبد موصوفا بأنه ذو صوم و استحق اسم الصائم بهذه الصفة ثم بعد إثبات الصوم له سلبه الحق عنه و أضافه إلى نفسه فقال إلا الصيام فإنه لي أي صفة الصمدانية و هي التنزيه عن الغذاء ليس إلا لي و إن وصفتك به فإنما و صفتك باعتبار تقييد ما من تقييد التنزيه لا بإطلاق التنزيه الذي ينبغي لجلالى فقلت و أنا أجزي به فكان الحق جزاء الصوم للصائم إذا انقلب إلى ربه و لقيه بوصف لا مثل له و هو الصوم إذ كان لا يرى من
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية