﴿وَ مَلاٰئِكَتُهُ﴾ [النساء:136] فأفرد الملائكة بالصلاة على العباد و فيهم النبي فلجميع الخلق توحيد الصلاة من اللّٰه و توحيد الصلاة من الملائكة و خص النبي صلى اللّٰه عليه و سلم وحده فيما أخبرنا به بأن جمع له بصلاة جامعة اشترك فيها اللّٰه و ملائكته فقال ﴿إِنَّ اللّٰهَ وَ مَلاٰئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ﴾ [الأحزاب:56] و معلوم أن الصلاة في الجمعية ما هي الصلاة التي في حال الإفراد فإن الحالتين متميزتان ففاز النبي صلى اللّٰه عليه و سلم بهذه الصلاة ثم أمرنا أن نصلي عليه صلى اللّٰه عليه و سلم بمثل هذه الصلاة الجامعة و هو أن نصلي عليه إذا كان الحق لساننا كما ورد في الخبر فحينئذ تصح الصلاة التي أمرنا بها و بهذه المثابة كانت صلاة الملائكة في هذا المقام الذي جمع بينهم و بين اللّٰه في الصلاة على النبي صلى اللّٰه عليه و سلم فإن في تلك الصلاة كان نطقهم فثبت شرفه صلى اللّٰه عليه و سلم على سائر البشر في هذه المرتبة فإنه شرف محقق الوجود بالتعريف و إن ساواه أحد ممن لم نعرف به فذلك شرف إمكاني فتعين فضله بالتعيين على من لم يتعين و إن كان قد صلى عليه مثل هذا في نفس الأمر و لم نخبر فثبت له الفضل بكل حال فلما قال تعالى بعد قوله ﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ﴾ [الأحزاب:43] بعد قوله ﴿يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [البقرة:104] و لم يقل بما ذا هل بالوجود و بالتوحيد فحمله على الوجود الذي هو أعم أولى لأنه أعم في الرحمة فقال لهم ﴿اُذْكُرُوا اللّٰهَ ذِكْراً كَثِيراً﴾ [الأحزاب:41] أي في كل حال ﴿وَ سَبِّحُوهُ﴾ [الأحزاب:42]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية