﴿وَ جَعَلْنٰا مِنَ الْمٰاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾ [الأنبياء:30] و لحياته وصف بالتسبيح فنظم اللّٰه أولا هذه الطبائع الأربع نظما مخصوصا فضم الحرارة إلى اليبوسة فكانت النار البسيطة المعقولة فظهر حكمها في جسم العرش الذي هو الفلك الأقصى و الجسم الكل في ثلاثة أماكن منها المكان الواحد سماه حملا و المكان الثاني و هو الخامس من الأمكنة المقدرة فيه سماه أسدا و المكان الثالث و هو التاسع من الأمكنة المقدرة فيه سماه قوسا ثم ضم البرودة إلى اليبوسة و أظهر سلطانهما في ثلاثة أمكنة من هذا الفلك و هو التراب البسيط المعقول فسمى المكان الواحد ثورا و الآخر سنبلة و الثالث جديا ثم ضم الحرارة إلى الرطوبة فكان الهواء البسيط و أظهر حكمه في ثلاثة أمكنة من هذا الفلك الأقصى سمي المكان الواحد الجوزاء و الآخر الميزان و الثالث الدالي ثم ضم البرودة إلى الرطوبة فكان الماء البسيط و أظهر حكمه في ثلاثة أمكنة من الفلك الأقصى سمي المكان الواحد السرطان و سمي الآخر بالعقرب و سمي الثالث بالحوت فهذا تقسيم فلك البروج على اثني عشر قسما مفروضة تعينها الكواكب الثمانية و العشرون و ذلك بتقدير العزيز العليم
[فتق دائرة الوجود بعد رتقه]
فلما أحكم صنعتها و ترتيبها و أدارها فظهر الوجود مرتوقا فأراد الحق فتقه ففصل بين السماء و الأرض كما قال تعالى ﴿كٰانَتٰا رَتْقاً فَفَتَقْنٰاهُمٰا﴾ [الأنبياء:30] أي ميز بعضها عن بعض فأخذت السماء علوا دخانا فحدث فيما بين السماء و الأرض ركنان من المركبات الركن الواحد الماء المركب مما يلي الأرض لأنه بارد رطب فلم يكن له قوة الصعود فبقي على الأرض تمسكه بما فيها من اليبوسة عليها و الآخر النار و هي أكرة الأثير مما يلي السماء لأنه حار يابس فلم يكن له طبع النزول إلى الأرض فبقي مما يلي السماء من أجل حرارته و اليبوسة تمسكه هناك و حدث ما بين النار و الماء ركن الهواء من حرارة النار و رطوبة الماء فلا يستطيع أن يلحق بالنار فإن ثقل الرطوبة يمنعه أن يكون بحيث النار و إن طلبت الرطوبة تنزله إلى أن يكون بحيث الماء تمنعه الحرارة من النزول فلما تمانعا لم يبق إلا أن يكون بين الماء و النار لأنهما يتجاذبانه على السواء فذلك المسمى هواء فقد بان لك مراتب العناصر و ماهيتها و من أين ظهرت و أصل الطبيعة
[ظهور الخليفة في دورة العذراء]
و لما دارت الأفلاك و مخضت الأركان بما حملته مما ألقت فيها في هذا النكاح المعنوي و ظهرت المولدات من كل ركن بحسب ما يقتضيه حقيقة ذلك الركن فظهرت أمم العالم و ظهرت الحركة المنكوسة و الحركة الأفقية فلما انتهى الحكم إلى السنبلة ظهرت النشأة الإنسانية بتقدير العزيز العليم فأنشأ اللّٰه عزَّ وجلَّ الإنسان من حيث جسمه خلقا سويا و أعطاه الحركة المستقيمة و جعل اللّٰه لها من الولاية في العالم العنصري سبعة آلاف سنة
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية