﴿مِنْهٰا خَلَقْنٰاكُمْ وَ فِيهٰا نُعِيدُكُمْ وَ مِنْهٰا نُخْرِجُكُمْ تٰارَةً أُخْرىٰ﴾ [ طه:55] إلى أمثال هذا مما تحتاج إليه العقائد من الحشر و النشر و القضاء و القدر و الجنة و النار و القبر و الميزان و الحوض و الصراط و الحساب و الصحف و كل ما لا بد للمعتقد أن يعتقده قال تعالى ﴿مٰا فَرَّطْنٰا فِي الْكِتٰابِ مِنْ شَيْءٍ﴾ [الأنعام:38] و أن هذا القرآن معجزته عليه السّلام بطلب معارضته و العجز عن ذلك في قوله ﴿قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ﴾ [يونس:38] ثم قطع أن المعارضة لا تكون أبدا بقوله ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلىٰ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هٰذَا الْقُرْآنِ لاٰ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ كٰانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً﴾ [الإسراء:88] و أخبر بعجز من أراد معارضته و إقراره بأن الأمر عظيم فيه فقال ﴿إِنَّهُ فَكَّرَ وَ قَدَّرَ﴾ [المدثر:18] إلى قوله ﴿إِنْ هٰذٰا إِلاّٰ سِحْرٌ يُؤْثَرُ﴾ [المدثر:24] ففي القرآن العزيز للعاقل غنية كبيرة و لصاحب الداء العضال دواء و شفاء كما قال ﴿وَ نُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مٰا هُوَ شِفٰاءٌ وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [الإسراء:82] و مقنع شاف لمن عزم على طريق النجاة و رغب في سمو الدرجات و ترك العلوم التي تورد عليها الشبه و الشكوك فيضيع الوقت و يخاف المقت إذ المنتحل لتلك الطريقة قلما ينجو من التشغيب أو يشتغل برياضة نفسه و تهذيبها فإنه مستغرق الأوقات في إرداع الخصوم الذين لم يوجد لهم عين و دفع شبه يمكن إن وقعت للخصم و يمكن إن لم تقع فقد تقع و قد لا تقع و إذا وقعت فسيف الشريعة أردع و أقطع.أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا اللّٰه و حتى يؤمنوا بي و بما جئت به هذا قوله صلى اللّٰه عليه و سلم و لم يدفعنا لمجادلتهم إذا حضروا إنما هو الجهاد و السيف إن عاند فيما قيل له فكيف بخصم متوهم نقطع الزمان بمجادلته و ما رأينا له عينا و لا قال لنا شيئا و إنما نحن مع ما وقع لنا في نفوسنا و نتخيل أنا مع غيرنا و مع هذا فإنهم رضي اللّٰه عنهم اجتهدوا و خيرا قصدوا و إن كان الذي تركوا أوجب عليهم من الذي شغلوا نفوسهم به و اللّٰه ينفع الكل بقصده و لو لا التطويل لتكلمت على مقامات العلوم و مراتبها و إن علم الكلام مع شرفه لا يحتاج إليه أكثر الناس بل شخص واحد يكفي منه في البلد مثل الطبيب و الفقهاء العلماء بفروع الدين ليسوا كذلك بل الناس محتاجون إلى الكثرة من علماء الشريعة و في الشريعة بحمد اللّٰه الغنية و الكفاية و لو مات الإنسان و هو لا يعرف اصطلاح القائلين بعلم النظر مثل الجوهر و العرض و الجسم و الجسماني و الروح و الروحاني لم يسأله اللّٰه تعالى عن ذلك و إنما يسأل اللّٰه الناس عما أوجب عليهم من التكليف خاصة و اللّٰه يرزقنا الحياء منه
(وصل)
يتضمن ما ينبغي أن يعتقد في العموم
و هي عقيدة أهل الإسلام مسلمة من غير نظر إلى دليل و لا إلى برهان فيا إخوتي المؤمنين ختم اللّٰه لنا و لكم بالحسنى لما سمعت قوله تعالى عن نبيه هود عليه السّلام حين قال لقومه المكذبين به و برسالته
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية