و هو ما أنزل اللّٰه عليهم من المن و السلوى فأشار إلى دناءة همتهم بقوله ﴿اِهْبِطُوا مِصْراً﴾ [البقرة:61] لما نزلوا إلى الأدون من الأعلى قيل لهم اهبطوا مصر ﴿فَإِنَّ لَكُمْ مٰا سَأَلْتُمْ﴾ [البقرة:61] إنما هي أعمالكم ترد عليكم ﴿وَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَ الْمَسْكَنَةُ﴾ [البقرة:61] لأنهم هبطوا ﴿وَ بٰاؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللّٰهِ﴾ لأنهم لم يختاروا ما اختار اللّٰه لهم و كفروا بالأنبياء و بآيات اللّٰه و قتلوا الأنبياء بغير الحق و عصوا و اعتدوا : و مما ذمهم به القساوة فقال بعد تقرير ما أنعم اللّٰه به عليهم ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذٰلِكَ فَهِيَ كَالْحِجٰارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً﴾ [البقرة:74] و إنما كانت أشد قسوة لأن ﴿مِنَ الْحِجٰارَةِ لَمٰا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهٰارُ وَ إِنَّ مِنْهٰا لَمٰا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمٰاءُ وَ إِنَّ مِنْهٰا لَمٰا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّٰهِ﴾ [البقرة:74] و أنتم ما عندكم في قلوبكم من هذا شيء يذمهم بذلك و مما ذم من يقول ما توسوس به نفسه و ما يسول له شيطانه ﴿هٰذٰا مِنْ عِنْدِ اللّٰهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً﴾ [البقرة:79] من الجاه و الرئاسة عليهم و ما يحصلوه من المال فأخبر اللّٰه تعالى أن لهم الويل من اللّٰه من أجل ذلك هذا كله ذكره اللّٰه في كتابه لنا لنجتنب مثل هذه الصفات و مما أوصى به عباده مما يحمده أن لا تعبدوا
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية