و قال ﴿إِذْ يَقُولُ لِصٰاحِبِهِ لاٰ تَحْزَنْ إِنَّ اللّٰهَ مَعَنٰا﴾ [التوبة:40] و قال ﴿إِنَّنِي مَعَكُمٰا أَسْمَعُ وَ أَرىٰ﴾ [ طه:46] قلنا فلا نصرف مكارم الأخلاق إلا في صحبة اللّٰه خاصة فكل ما يرضي اللّٰه نأتيه و كل ما لا يرضيه نجتنبه و سواء كانت المعاملة و الخلق مما يخص جانب الحق أو تتعدى إلى الغير و إنها و إن تعدت إلى الغير فإنها مما يرضى اللّٰه و سواء عندك سخط ذلك الغير أو رضي فإنه إن كان مؤمنا رضي بما يرضى اللّٰه و إن كان عدوا لله فلا اعتبار له عندنا فإن اللّٰه يقول ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ [الحجرات:10] و قال ﴿لاٰ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِيٰاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ﴾ [الممتحنة:1] فحسن الخلق إنما هو فيما يرضى اللّٰه فلا تصرفه إلا مع اللّٰه سواء كان ذلك في الخلق أو فيما يختص بجناب اللّٰه فمن راعى جناب اللّٰه انتفع به جميع المؤمنين و أهل الذمة فإن لله حقا على كل مؤمن في معاملة كل أحد من خلق اللّٰه على الإطلاق من كل صنف من ملك و جان و إنسان و حيوان و نبات و جماد و مؤمن و غير مؤمن و قد ذكرنا ذلك في رسالة الأخلاق لنا كتبنا بها إلى بعض إخواننا سنة إحدى و تسعين و خمسمائة و هي جزء لطيف غريب في معناه فيه معاملة جميع الخلق بالخلق الحسن الذي يليق به و حسن الخلق بحسب أحوال من تصرفها فيه و معه هذا أمر عام و التفصيل فيه لك بالواقع فانظر فيه فإنه أكثر من أن تحصى آحاده لما في ذلك من التطويل و اللّٰه الموفق لا رب غيره و كذلك تجنب سفساف الأخلاق و لا تعرف مكارم الأخلاق من سفسافها إلا حتى تعرف مصارفها فإذا علمت مصارفها علمت مكارمها و سفسافها و هو علم خفي شريف فلا يفوتنك علم مصارف الأخلاق فإن ذلك يختلف باختلاف الوجوه
(وصية)
و عليك بالهجرة و لا نقم بين أظهر الكفار فإن في ذلك إهانة دين الإسلام و إعلاء كلمة الكفر على كلمة اللّٰه فإن اللّٰه ما أمر بالقتال إلا لتكون كلمة اللّٰه هي العليا و ﴿كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلىٰ﴾ [التوبة:40]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية