﴿يَخْتَصِمُونَ﴾ [آل عمران:44] و الخصام ما يكون إلا مع الأضداد و ما ذكر اللّٰه عن الملائكة في حقنا أنهم يقولون ذاك عبدك يريد أن يعمل حسنة فانظر قوة هذا الأصل ما أحكمه لمن نظر و من هنا تعلم فضل الإنسان إذا ذكر خيرا في أحد و سكت عن شره أين تكون درجته مع القصد الجميل من الملائكة فيما ذكروه و لكن نبهتك على ما نبهتك عليه من ذلك لتعرف نشأتهم و ما جبلوا عليه ف ﴿كُلٌّ يَعْمَلُ عَلىٰ شٰاكِلَتِهِ﴾ [الإسراء:84] كما «قال تعالى و أخبر أن الملائكة تقول ذاك عبدك فلان يريد أن يعمل سيئة و هو أبصر به فقال ارقبوه فإن عملها فاكتبوها له بمثلها و إن تركها فاكتبوها له حسنة إنه إنما تركها من جرائي» أي من أجلي فالملائكة المذكورة هنا هم الذين قال اللّٰه لنا فيهم ﴿إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحٰافِظِينَ كِرٰاماً كٰاتِبِينَ﴾ فالمرتبة و التولية أعطتهم أن يتكلموا بما تكلموا به فلهم كتابة الحسن من غير تعريف بما تقدم اللّٰه إليهم به في ذلك و يتكلمون في السيئة لما يعلمونه من فضل اللّٰه و تجاوزه و لو لا ما تكلموا في ذلك ما عرفنا ما هو الأمر فيه عند اللّٰه مثل ما يقولونه في مجالس الذكر في الشخص الذي يأتيها إلى حاجته لا لأجل الذكر فأطلق اللّٰه للجميع المغفرة و قال هم القوم لا يشقى جليسهم فلو لا سؤالهم و تعريفهم بهم ما عرفنا حكم اللّٰه فيهم فكلامهم عليه السّلام تعليم و رحمة و إن كان ظاهرة كما يسبق إلى الأفهام القاصرة مع الأصل الذي نبهناك عليه و قد قال اللّٰه في الحسنة و السيئة ﴿مَنْ جٰاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثٰالِهٰا﴾ [الأنعام:160]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية