فما نزل من نزل في النار من أهلها إلا بأعمالهم ولهذا يبقى فيها أماكن خالية وهي الأماكن التي لو دخلها أهل الجنة عمروها فيخلق الله خلقا يعمرونه على مزاج لو دخلوا به الجنة تعذبوا وهوقوله صلى الله عليه وسلم فيضع الجبار فيها قدمه فتقول قط قط
أي حسبي حسبي فإنه تعالى يقول لها هَلِ امْتَلَأْتِ فتقول هَلْ من مَزِيدٍ فإنه قال للجنة والنار لكل واحدة منكما ملؤها فما اشترط لهما إلا أن يملأهم خلقا وما اشترط عذاب من يملأها بهم ولا نعيمهم وإن الجنة أوسع من النار بل شك فإن عَرْضُهَا السَّماواتُ والْأَرْضُ فما ظنك بطولها فهي للنار كمحيط الدائرة مما يحوي عليه وفي التنزلات الموصلية رسمناها وبيناها على ما هي عليه في نفسها في باب يوم الإثنين والنار عرضها قدر الخط الذي يميز قطري دائرة فلك الكواكب الثابتة فأين هذا الضيق من تلك السعة وسبب هذا الاتساع جنات الاختصاص الإلهي
فورد في الخبر أنه يبقى أيضا في الجنة أماكن ما فيها أحد فيخلق الله خلق للنعيم يعمرها بهم
وهو أن يضع الرحمن فيها قدمه وليس ذلك إلا في جنات الاختصاص فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ من يَشاءُ والله ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية