قد حيل بينه وبين حقيقة حكم الشرع فيه بالقبح ولو كان الشيء قبيح بالقبح الوضعي لم يصدق قول الشارع في الإخبار عنه إنه قبيح أو حسن فإنه خبر بالشيء على خلاف ما هو عليه فإن الأحكام [الصفحة 300 من طبعة القاهرة]
أخبار بلا شك عند كل عاقل عارف بالكلام فإن الله أخبرنا أن هذا حرام وهذ حلال ولذا قال تعالى في ذم من قال عن الله ما لم يقل ولا تَقُولُوا لِم تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وهذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى الله الْكَذِبَ فإنه ألحق الحكم بالخبر لأنه خبر بلا شك إلا أنه ليس في قوة البشر في أكثر الأشياء إدراك قبح الأشياء ولا حسنها فإذا عرفنا الحق به عرفناها ومنها ما يدرك قبحه عقلا في عرفنا مثل كالكذب وكفر المنعم وحسنه عقل مثل الصدق وشكر المنعم وكون الإثم يتعلق ببعض أنواع الصدق والأجر يتعلق ببعض أنواع الكذب فذلك لله يعطي الأجر على ما شاءه من قبح وحسن ولا يدل ذلك على حسن الشيء ولا قبحه كالكذب في نجاة مؤمن من هلاك يؤجر عليه الإنسان وإن كان الكذب قبيحا في ذاته والصدق كالغيبة يأثم بها الإنسان وإن كان الصدق حسنا في ذاته فذاك أمر شرعي يعطي فضله من شاء ويمنعه من شاء كما قال يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ من يَشاءُ والله ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية