[الطريق الضيق في زحمة الأكوان]
ثم إن لهؤلاء مرتبة أخرى في الورع و هي أنهم رضي اللّٰه عنهم يجتنبون كل أمر تقع فيه المزاحمة بين الأكوان و يطلبون طريقا لا يشاركهم فيها من ليس من جنسهم و لا من مقامهم فلا يزاحمون أحدا في شيء مما يتحققون به في نفوسهم و يتصفون به و يحبون من اللّٰه أن يدعوا به في الدنيا و الآخرة و هو ما يكونون عليه من الأخلاق الإلهية فيكونون مع تحققهم بمعانيها و ظهور أحكامها على ظواهرهم من الرحمة بعباد اللّٰه و التلطف بهم و الإحسان إليهم و التوكل على اللّٰه و القيام بحدود اللّٰه و يظهرون في العالم أن جميع ما يرى عليهم إن ذلك فعل اللّٰه لا فعلهم و بيد اللّٰه لا بيدهم و أن المثنى عليه بذلك الفعل إنما ينبغي أن يتعلق ذلك الثناء بفاعله و فاعله هو اللّٰه جل جلاله لا نحن فيتبرءون من أفعالهم الحسنة غاية التبري و من الأوصاف المستحسنة كذلك و كل وصف مذموم شرعا و عرفا يضيفونه إلى أنفسهم أدبا مع اللّٰه تعالى و ورعا شافيا كما قال الخضر في العيب ﴿فَأَرَدْتُ﴾ [الكهف:79] و في الخير
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية