﴿مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾  [ق:16] و لكن لا نبصره لهذا القرب المفرط و قد علمنا إيمانا أنه  ﴿عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوىٰ﴾  [ طه:5] فلا نبصره لهذا البعد المفرط عادة أيضا فمن شاهد الحق و رآه فإنما يشاهده في معينه من قوله  ﴿وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مٰا كُنْتُمْ﴾  [الحديد:4] هذا حد رؤيته هنا و لا يشاهد متى شوهد إلا من هذا المقام و بهذه الصفة لا بد من ذلك فإذا أغناك فقد أبعدك في غاية القرب و إذا أفقرك فقد قربك في غاية البعد 
فيا من قربه بعد *** و يا من بعده قرب
أقلني من هوى نفسي *** فإني الواله الصب
و إني هائم فيه *** قد استعبدني الحب
و لا مطلب لي إلا *** الذي يرضى به الحب
إذا أحببت محبوبا *** له النخوة و العجب
فلا تعجب فلا تحجب *** فقلبي للهوى قلب
 و من هذه الحضرة ظهر الغني في العالم الذي يحوي على الفقر و الخوف مع ما فيه من الزهو و الفخر أما ما فيه من الفقر فلطلب الزيادة و أما ما فيه من الخوف فهو الفزع من تلف ما بيده و الحوطة عليه و أما ما فيه من الزهو و الفخر فهو ما يشاهده من الطالبين رفده و سعى الناس في تحصيل مثل ما عنده فمن هو بين غنى و فقر كيف يفتخر فالفقر لا يتركه يفرح و الغني لا يتركه يحزن فقد تعرى بهذين الحكمين من هاتين الصفتين 
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية