﴿وَ اللّٰهُ خَلَقَكُمْ وَ مٰا تَعْمَلُونَ﴾ [الصافات:96] و الفاعل خلق و هو قوله ﴿فَنِعْمَ أَجْرُ الْعٰامِلِينَ﴾ [الزمر:74] و ﴿اِعْمَلُوا مٰا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمٰا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ [فصلت:40] و المنفعل خلق و هو معلوم و خلق في حق و هو الإجابة و حق في خلق و هو ما انطوت عليه العقائد في اللّٰه من أنه كذا و كذا و خلق في خلق و هو ما تفعله الهمم في المخلوقات من حركات و سكون و اجتماع و افتراق
[أن الإجابة على نوعين]
ثم اعلم أن الإجابة على نوعين إجابة امتثال و هي إجابة الخلق لما دعاه إليه الحق و إجابة امتنان و هي إجابة الحق لما دعاه إليه الخلق فإجابة الخلق معقولة و إجابة الحق منقولة لكونه تعالى أخبر بها عن نفسه و أما اتصافه بالقرب في الإجابة فهو اتصافه بأنه أقرب إلى الإنسان ﴿مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ [ق:16] فشبه قربه من عبده قرب الإنسان من نفسه إذا دعا نفسه لأمر ما تفعله فتفعله فما بين الدعاء و الإجابة الذي هو السماع زمان بل زمان الدعاء زمان الإجابة فقرب الحق من إجابة عبده قرب العبد من إجابة نفسه إذا دعاها ثم ما يدعوها إليه يشبه في الحال ما يدعو العبد ربه إليه في حاجة مخصوصة فقد يفعل له ذلك و قد لا يفعل كذلك دعاء العبد نفسه إلى أمر ما قد تفعل ذلك الأمر الذي دعاها إليه و قد لا تفعل لأمر عارض يعرض له و إنما وقع هذا الشبه لكونه مخلوقا على الصورة و هو أنه وصف نفسه في أشياء بالتردد و هذا معنى التوقف في الإجابة فيما دعا الحق نفسه إليه فيما يفعله في هذا العبد و قد ثبت هذا في قبضه نسمة المؤمن فإن المؤمن يكره الموت و اللّٰه يكره مساءة المؤمن «فقال عن نفسه سبحانه ما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي» فأثبت لنفسه التردد في أشياء ثم جعل المفاضلة في التردد الإلهي فقال تعالى ترددي في قبض نسمة المؤمن الحديث فهذا مثل من يدعو نفسه لأمر ما ثم يتردد فيه حتى يكون منه أحد ما يتردد فيه و الدعاء على نوعين دعاء بلسان نطق و قول و دعاء بلسان حال فدعاء القول يكون من الحق و من الخلق و دعاء الحال يكون من الخلق و لا يكون من الحق إلا بوجه بعيد
[الإجابة للدعاء على نوعين]
و الإجابة للدعاء بلسان الحال على نوعين إجابة امتنان على الداعي و إجابة امتنان على المدعو فأما امتنانه على الداعي فقضاء حاجته التي دعاه فيها و امتنانه على المدعو فإنه بها يظهر سلطانه بقضاء حاجته فيما دعاه إليه و للمخلوق في قبوله ما يظهر فيه الاقتدار الإلهي رائحة امتنان و لهذه القوة الموجودة من من من على رسول اللّٰه ﷺ بالإسلام فقال تعالى تأنيسا له ﴿يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا﴾ [الحجرات:17]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية