فمن لا يرى النعمة إلا منه فقد شكره حق الشكر لا تراها من الأسباب التي سد لها بينك و بينه عند إرداف النعم فإن النعم أشياء لا تتكون إلا عنه من الوجه الخاص الذي لكل كائن و قال من هذه الحضرة ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ [ابراهيم:7] و وصف نفسه بشكره عباده طلبا للزيادة منهم مما شكرهم عليه مقابلة نسخة بنسخة لأنه على صورته و هو يريد أن يوقفك على صحة هذه النسخة فإنه ما كل نسخة تكون صحيحة و لا بد قد تختل منها أمور فلذلك شرعت المعارضة بين النسختين فما أخرج الناسخ منها أثبت بالمعارضة لتصح النسخة و من الأمر الواقع في المنتسخ منه أنه شاكر و شكور عبادة ثم طالبهم بالشكر ليظهروا بصفته من كونهم على صورته ثم عرفهم إن الشكر يقتضي لذاته الزيادة من المشكور مما شكر من أجله و هو المعروف الذي سد له و أسداه إلى عباده فإذا علم ذلك علم إن الحق تعالى يطلب الزيادة من عباده في دار التكليف مما كلفهم فيها من الأعمال و جعل استيفاء حقه أن يرى العبد النعمة منه عزَّ وجلَّ فكان تنبيها من اللّٰه لعبده في تفسير حق الشكر إن الحق يرى النعمة من العبد حيث أعطاه العلم به كما قلنا إن العلم يتبع المعلوم فهو يجعل التعلق به في نفس العالم فيتصف العالم بالعلم فيشكره الحق على ذلك فيزيده العبد بتنوع أحواله تعلقات لم يكن عليها تسمى علوما و هذا الذي أشرنا إليه من أصعب العلوم علينا لشدة غوصها و هي سريعة التفلت و من علم هذا علم قوله تعالى ﴿حَتّٰى نَعْلَمَ﴾ [محمد:31] فما قال حتى نعلم حتى كلف و ابتلي ليعلم ما يكون منه فيما أتاه به و قد علم منه ما يكون في حال ثبوته إلا أن الممكن إذا تغيرت عليه الأحوال يعلم أنه كان في عينه في حال ثبوته بهذه الصفة و لا علم له بنفسه فإن الإنسان قد يغفل عن أشياء كان علمها من نفسه ثم يذكرها و هو قوله
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية