و ذلك لأنا ما عرفنا من القوي الموجودة في الإنسان إلا قدر ما أوجد فيه و ربما في علم اللّٰه عنده أو في الإمكان قوى لم يوجدها اللّٰه تعالى فينا اليوم حتى لو قيل للفرس عن القوة التي تميز بها الإنسان عنه أنكرها و في طريق اللّٰه ما يقوله أهل الطريق في إثبات المقام الذي فوق طور العقل و هي قوة يوجدها اللّٰه في بعض عباده من رسول و نبى و ولي تعطي خلاف ما أعطته قوة العقل حتى إن بعض العقلاء أنكر ذلك و الشرع أثبته و نحن نعلم أن في نشأة الآخرة قوى لا تكون في نشأة الدنيا و لا يحكم بها عقل هنا و لا تنال إلا بالذوق عند من أوجدها اللّٰه فيه و تحصل لبعض الناس هنا ﴿فَلاٰ تَعْلَمُ نَفْسٌ مٰا أُخْفِيَ﴾ [ السجدة:17] لها فيها ﴿مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾ [ السجدة:17] «و في الجنة ما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر» فخرج عن طور العقل بتعيين أمر ما و ما خرج عن طور العقل بالإمكان إذ لا حكم للعقل فيما يعنيه اللّٰه من الأمور إلا الإمكان خاصة أو ما تتحير فيه فلهذا جاءت كلمة لعل و هي كلمة ترج و كل ترج إلهي فهو واقع فلا بد منه فهذا هو الأمر الذي يحديه في النشأة و أما في الأحكام فمعلوم في العلم الرسمي إلى يوم القيامة فإن الرسول ﷺ لما قرر حكم المجتهد لا يزال حكم الشرع ينزل من اللّٰه على قلوب المجتهدين إلى انقضاء الدنيا فقد يحكم اليوم مجتهد في أمر لم يتقدم فيه ذلك الحكم و اقتضاه له دليل هذا لمجتهد من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس جلي فهذا أمر قد حدث في الحكم إذا تعداه المجتهد أو المقلد له ﴿فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾ [البقرة:231] فهذا أو أمثاله مما يعطيه هذا الذكر و هذا القدر من الإشارة في هذا الذكر كاف إن شاء اللّٰه فإن هذا الذي يعطيه هذا الذكر فيه تفصيل كثير و تمثيل نبهناك على المأخذ فيه
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية