و هذا الذي نبهناك عليه من العلم بالله تعالى ما أظهرناه باختبارنا و لكن حكم الجبر به علينا فتحفظ به و لا تغفل عنه فإنه يعلمك الأدب مع اللّٰه تعالى و من هذا المقام نزل قوله تعالى ﴿وَ مٰا أَصٰابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ﴾ [النساء:79] أي ما أعطيتك إلا على قدر قبولك فالفيض الإلهي واسع لأنه واسع العطاء فما عنده تقصير و مالك منه إلا ما تقبله ذاتك فذاتك حجرت عليك هذا الواسع و أدخلتك في الضيق فذلك القدر الذي حصل تدبيره فيك هو ربك الذي تعبده و لا تعرف إلا هو و هذه هي العلامة التي يتحول لك فيها يوم القيامة على الكشف و هي في الدنيا في العموم على الغيب يعلمها كل إنسان من نفسه و لا يعلم أنها المعلومة له و لهذا تقول العامة إن اللّٰه ما عودني إلا كذا و كذا فإذا فهمت هذا علمت أن الحق معك على ما أنت عليه ما أنت معه و قد نبهك على هذا في القرآن بقوله تعالى ﴿وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مٰا كُنْتُمْ﴾ [الحديد:4] ما أنتم معه و لا يصح أن يكون أحد مع اللّٰه فالله مع كل أحد بما هو عليه ذلك الواحد من الحال فانظر إلى أفراد العالم فما تراه فيه فذلك عين الحق لا غيره
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية