أنا أول بالقصد فالكون كوننا *** و آخر موجود أنا يتيقن
كلوا طيبات الرزق من كل جانب *** فمن أجلنا بانوا و لله كونوا
[خلق العالم في ستة أيام]
قال اللّٰه تعالى ﴿إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ﴾ [الأعراف:163] فنقول من باب الإشارة لا من باب التفسير يتجاوزون بالراحة حدها و بها سمي السبت سبتا فإن اللّٰه خلق العالم في ستة أيام بدأ به يوم الأحد و فرغ منه يوم الجمعة و ما مسه من لغوب و لم يعي بخلقه الخلق فلما كان يوم السابع من الأسبوع و فرغ من العالم كان يشبه المستريح الذي مسه اللغوب فاستلقى و وضع إحدى رجليه على الأخرى و قال أنا الملك كذا ورد في الأخبار النبوية فسمي يوم السبت يريد يوم الراحة و هو يوم الأبد ففيه تتكون أشخاص كل نوع دنيا و آخرة فما هي إلا سبعة أيام لكل يوم وال ولاة اللّٰه فانتهى الأمر إلى يوم السبت فولى اللّٰه أمره واليا له الإمساك و الثبوت فله إمساك الصور في الهباء فنهار هذا اليوم الذي هو يوم الأبد لأهل الجنان و ليله لأهل النار فلا مساء لنهاره و لا صبح لليله و ما رأينا أحدا اعتبر هذا اليوم إلا السبتي محمد بن هارون الرشيد أمير المؤمنين و ذلك أني كنت يوم الجمعة بعد صلاة الجمعة بمكة قد دخلت الطواف فرأيت رجلا حسن الهيئة له هيبة و وقار و هو يطوف بالبيت أمامي فصرفت نظري إليه عسى أعرفه فما عرفته في المجاورين و لم أر عليه علامة قادم من سفر لما كان عليه من الغضاضة و النضارة فرأيته يمر بين الرجلين المتلاصقين في الطواف و يعبر بينهما و لا يفصل بينهما و لا يشعران به فجعلت أتتبع بأقدامي مواضع وطئت أقدامه ما يرفع قدما إلا وضعت قدمي في موضع قدمه و ذهني إليه و بصري معه لئلا يفوتني فكنت أمر بالرجلين المتلاصقين اللذين يمر هو بينهما فأجوزهما في أثره كما يجوزهما و لا أفصل بينهما فتعجبت من ذلك فلما أكمل أسبوعه و أراد الخروج مسكته و سلمت عليه فرد علي السلام و تبسم لي و أنا لا أصرف نظري عنه مخافة أن يفوتني فإني ما شككت فيه أنه روح تجسد و علمت أن البصر يقيده فقلت له إني أعلم أنك روح متجسد فقال لي صدقت فقلت له فمن أنت يرحمك اللّٰه فقال أنا السبتي بن هارون الرشيد فقلت له أريد أن أسألك عن حال كنت عليه في أيام حياتك في الدنيا قال قل قلت بلغني أنك ما سميت السبتي إلا لكونك كنت تحترف كل سبت بقدر ما تأكله في بقية الأسبوع فقال الذي بلغك صحيح كذلك كان الأمر فقلت له فلم خصصت يوم السبت دون غيره من الأيام أيام الأسبوع فقال نعم ما سألت ثم قال لي بلغني أن اللّٰه ابتدأ خلق العالم يوم الأحد و فرغ منه يوم الجمعة فلما كان يوم السبت استلقى و وضع إحدى رجليه على الأخرى و قال أنا الملك هذا بلغني في الأخبار و أنا في الحياة الدنيا فقلت و اللّٰه لأعملن على هذا فتفرغت لعبادة اللّٰه من يوم الأحد إلى آخر الستة الأيام لا أشتغل بشيء إلا بعبادته تعالى و أقول إنه تعالى كما اعتنى بنا في هذه الأيام الستة فإني أتفرغ إلى عبادته فيها و لا أمزجها بشغل نفسي فإذا كان يوم السبت أتفرغ لنفسي و أتحصل لها ما يقوتها في باقي الأسبوع كما روينا من إلقاء إحدى رجليه على الأخرى و قوله أنا الملك الحديث و فتح اللّٰه لي في ذلك فقلت له من كان قطب الزمان في وقتك فقال أنا و لا فخر قلت له كذلك وقع لي التعريف قال صدقك من عرفك ثم قال لي عن أمرك يريد المفارقة قلت له ذلك إليك فسلم على سلام محب و انصرف و كان بعض أصحابي و الجماعة في انتظاري لكونهم كانوا يشتغلون علي بإحياء علوم الدين للغزالي رحمه اللّٰه فأما فرغت من ركعتي الطواف و جئت إليهم قال لي بعضهم و هو نبيل بن خزر بن خزرون السبتي رأيناك تكلم رجلا غريبا حسن الوجه و سيما لا نعرفه في المجاورين من كان و متى جاء فسكت و لم أخبرهم بشيء من شأنه إلا بعض إخواني فإني أخبرتهم بقصته فتعجبوا لذلك
[أن الفراغ الإلهي إنما كان من الأجناس في الستة الأيام]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية