﴿كَالَّذِينَ نَسُوا اللّٰهَ﴾ [الحشر:19] فنسيهم فهو صحيح فإنها وصية إلهية نهانا أن ننسى اللّٰه مثل ما نسوة هؤلاء لنقوم بحق اللّٰه و نقيم حق اللّٰه في الأشياء على نية صالحة و حضور مع اللّٰه فيجازينا اللّٰه جزاء استحقاق استحققناه بأعمالنا التي وفقنا اللّٰه لها و الذين نسوا اللّٰه إنما ترك اللّٰه ما استحقوه من العقاب كما تركوا حق اللّٰه لا غير ثم إن أفضل عليهم أفضل عليهم منة منه ابتداء و إفضاله على العالمين المؤدين حقوق اللّٰه ليس منة فإذا زاد على ما يطلبه عملهم ذلك هو الامتنان كما نالوا ما استحقوا به هذا الثواب من طريق المنة فاعلم ذلك ألا ترى اللّٰه يقول في تمام هذه الآية لما قال و لا تكونوا كالذين ﴿نَسُوا اللّٰهَ فَنَسِيَهُمْ﴾ [التوبة:67] لم يقل إنهم هم الفاسقون بل قال ﴿إِنَّ الْمُنٰافِقِينَ هُمُ الْفٰاسِقُونَ﴾ [التوبة:67] فابتدأ كلاما آخر ما فيه ضمير يعود على هؤلاء المذكورين و كل منافق فاسق لأنه خارج من كل باب له فيخرج للمؤمنين بصورة ما هم عليه و يخرج للكافرين بصورة ما هم عليه و قد تقدم في هذا الكتاب مرتبة المنافقين في المنازل فتنبه لما نبهتك عليه و كن من العالمين ﴿اَلَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللّٰهِ﴾ [الرعد:20] ... ﴿فَنِعْمَ أَجْرُ الْعٰامِلِينَ﴾ [الزمر:74] و لا تقنع بعفو اللّٰه فتكون ممن نسي اللّٰه بل ارغب في إحسانه بأن يزيدك هنا عملا و مراقبة فيزيدك عنده جاها و حرمة و أما قوله تعالى ناهيا إيانا بقوله ﴿وَ لاٰ تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللّٰهَ فَأَنْسٰاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولٰئِكَ هُمُ الْفٰاسِقُونَ﴾ [الحشر:19]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية