﴿يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [البقرة:117] فحكم العبادة للممكن في حال عدمه أمكن فيه منها في حال وجوده إذ لا بد له في حال وجوده و استحكام رأيه و نظره لنفسه و استقلاله من دعوى في سيادة بوجه ما و لو كان ما كان فينقص له من حكم عبادته بقدر ما ادعاه من السيادة فلذلك قلنا إن حكم العبادة للممكن أمكن منه في حال عدمه منها في حال وجوده فمن استصحبته فقد استصحبه الشهود دنيا و آخرة و نعته إذا كانت هذه حالته أنه لا يفرح بشيء و لا يحزن لشيء و لا يضحك و لا يبكي و لا يقيده وصف و لا يميزه نعت وجودي فلا رسم له و لا وصف قال أبو يزيد البسطامي رضي اللّٰه عنه في هذا المقام ضحكت زمانا و بكيت زمانا و أنا اليوم لا أضحك و لا أبكي و قال في هذا المقام لما قيل له كيف أصبحت فقال لا صباح لي و لا مساء إنما الصباح و المساء لمن تقيد بالصفة و أنا لا صفة لي فوصف نفسه بالإطلاق و لا يصح الإطلاق إلا في العبادة خاصة لأن العبد مقيد بإرادة السيد الذي يملكه فيه و من كان له الإطلاق فلا يتقيد أجره و لا يتعين لأن العبد لا أجر له ما هو مثل الأجير و قد كان لشيخنا أبي العباس العريني من العليا من غرب الأندلس و هو أول شيخ خدمته و انتفعت به له قدم راسخة في هذا الباب باب العبودية و إنما صاحبها العبد في شأنه كما إن الحق في شأنه فجزاء الإطلاق الإطلاق «سأل جبريل رسول اللّٰه ﷺ عن الإحسان فقال إن تعبد اللّٰه كأنك تراه» و ما ذكر العمل و إنما ذكر العبادة و قال اللّٰه تعالى ﴿هَلْ جَزٰاءُ الْإِحْسٰانِ إِلاَّ الْإِحْسٰانُ﴾ [الرحمن:60] فهو قولنا ما جزاء الإطلاق إلا الإطلاق و الأجور مقيدة من عشر إلى سبعمائة ضعف لأنها أجور أعمال معينة متناهية الزمان فلا بد أن يتقيد أجرها بالعدد و لو كان جزافا فإنه مقيد بالعدد عند اللّٰه كالصابر يوفى أجره بغير حساب معين : علمه عندنا و عند اللّٰه مقيد بقدر معلوم لأن الصبر يعم جميع الأعمال لأنه حبس النفس على الأعمال المشروعة فلهذا لم يأخذه المقدار و الأعمال تأخذها لمقادير فعلى قدر ما يقام فيه المكلف من الأعمال إلى حين موته فهو يحبس نفسه عليها حتى يصح له حال الصبر و اسم الصابر فيكون أجره غير معلوم و لا مقدر عنده جملة واحدة و إن كان معلوما عند اللّٰه كالمجازفة في البيع من غير كيل في المكيل و لا وزن في الموزون و فارق الصبر العبادة بأن العبادة له في حال عدمه و عدم تكليفه و الصبر لا يكون له في حال عدمه و لا في حال عدم تكليفه فالعبادة لا تبرح معه دنيا و لا آخرة فإذا كان مشهده عبادته في حال ارتقاؤه و نزل الحق إليه كما وصف الحق نفسه بالنزول فوقع الاجتماع و هو المنازلة فمن حيث إن العبد ذو عمل من الأعمال لأنه لا بد أن يكون في عمل مشروع صالح و هو الذي يصعد به فإنه براقه لأنه محمول فيتلقاه من اللّٰه من حيث ذلك العمل بالبر الذي عينه اللّٰه لمن جاء به و هو مقدر معلوم ثم أن الحق ينظر في هذا المكلف فيراه مع كونه في عمله غير مشهود له ذلك العمل لعلمه أن اللّٰه هو العامل به لا هو و أنه محل لخلق العمل به و كالآلة لوجود ذلك العمل فيكون الحق يعطي استحقاق ذلك العمل من حيث ما وعد به فيه و ينظر ما مشهد ذلك الشخص فيجده في عبادته التي لم يزل عليها في حال عدمه فما ثم جزاء في مقابلتها إلا أن لا يرزقها الغفلة عنها في زمان خلق الغفلات في المكلفين ما ثم إلا هذا و هو الذي قلنا في الممكن في حال وجوده أنه لا بد من حكم سيادة تظهر منه لأنه في زمان حكم الغفلات فالعناية بهذا العبد في هذه المنازلة رفع الغفلة عن العبادة في كل حال فهذه هي الزيادة في قوله
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية