يقول اللّٰه لهم ﴿يٰا أَيُّهَا النّٰاسُ إِنَّمٰا بَغْيُكُمْ عَلىٰ أَنْفُسِكُمْ مَتٰاعَ الْحَيٰاةِ الدُّنْيٰا﴾ [يونس:23] و هكذا يقولون في النار ﴿يٰا لَيْتَنٰا نُرَدُّ﴾ [الأنعام:27] قال تعالى ﴿وَ لَوْ رُدُّوا لَعٰادُوا لِمٰا نُهُوا عَنْهُ﴾ [الأنعام:28] كما عاد أصحاب الفلك إلى شركهم و بغيهم بعد إخلاصهم لله فإذا نظرت هذه الطائفة إلى هذه الآيات أرسلوها مع أمرها الإلهي إلى حيث دعاها و إن كانت الآية غير معتادة نظروا أي اسم إلهي يطلبها فإن طلبها القهار و أخواته فهي آية رهبة و زجر و وعيد أرسلوها على النفوس و إن طلبها أعني تلك الآية الاسم اللطيف و أخواته فهي آية رغبة أرسلوها على الأرواح فأشرق لها نور شعشعاني على النفوس فجنحت بذلك النفوس إلى بارئها فرزقت التوفيق و الهداية و أعطيت التلذذ بالأعمال فقامت فيها بنشاط و تعرت فيها من ملابس الكسل و تبغض إليها معاشرة البطالين و صحبة الغافلين اللاهين عن ذكر اللّٰه و يكرهون الملأ و الجلوة و يؤثرون الانفراد و الخلوة و لهذه الطبقة الثانية حقيقة ليلة القدر و كشفها و سرها و معناها و لهم فيها حكم إلهي اختصوا به و هي حظهم من الزمان فانظر ما أشرف إذ حباهم اللّٰه من الزمان بأشرفه فإنها خير من ألف شهر فيه زمان رمضان و يوم الجمعة و يوم عاشوراء و يوم عرفة و ليلة القدر فكأنه قال فتضاعف خيرها ثلاثا و ثمانين ضعفا و ثلث ضعف لأنها ثلاث و ثمانون سنة و أربعة أشهر و قد تكون الأربعة الأشهر مما يكون فيها ليلة القدر فيكون التضعيف في كل ليلة قدر أربعة و ثمانين ضعفا فانظر ما في هذا الزمان من الخير و بأي زمان خصت هذه الطائفة ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4] انتهى الجزء الثامن عشر و الحمد لله
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية