و اعلم أن المهانة حقيقة العالم التي هو عليها لأنه بالذات ممكن فقير فهو ممنوع من جميع نيل أغراضه و إراداته منعا ذاتيا و لا يحجبنك وقوع بعض مراداته و نيل بعض أغراضه عما قلناه في حقه فإن ذلك ما وقع له إلا بإرادة الحق لا بإرادته فذلك المراد و إرادة العبد معا إنما هما واقعان بإرادة الحق فهو ممتنع بالذات أن يكون شيء في الوجود موجودا عن إرادة العبد و لو كان لإرادة العبد نفوذ في أمر خاص لعم نفوذها في كل شيء لو كان ذلك المراد وقع لعين إرادة الممكن فتعين إن ذلك الواقع وقع بإرادة اللّٰه عزَّ وجلَّ فالعالم ممنوع لذاته كما هو ممكن مهان لذاته و إنما كان مهانا لذاته لأن العبودية له لذاته و هي الذلة و كل ذليل مهين و كل مهين محتقر و كل محتقر مغلوب فصح ما جاء في المنازلة من أنه من حقر غلب و من استهين منع ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية