«يقول المترجم عنه إن اللّٰه خلق آدم على صورته» ثم إنه جعل الإنسان محل ظهور الأسماء فيه و أطلقها عليه فللعبد التسمية بكل اسم تسمى به الحق و إن اختلفت النسب فمعقولية مدلول الاسم واحدة لا تتغير ثم إنه جعل بعضهم خليفة عنه في أرضه و جعل له الحكم في خلقه و شرع له ما يحكم به و أعطاه الأحدية فشرع إنه من نازعه في رتبته قتل المنازع «فقال رسول اللّٰه ﷺ إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما» و جعل بيده التصرف في بيت المال و صرف له النظر عموما و أمرنا بالطاعة له سواء جار علينا أو عدل فينا فقال تعالى ﴿يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّٰهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النساء:59] و هم الخلفاء و من استخلفه الإمام من النواب فإن اللّٰه قد جعل له أن يستخلف كما استخلفه اللّٰه فبأيديهم العطاء و المنع و العقوبة و العفو كل ذلك على الميزان المشروع فلهم التولية و العزل كما أن الحق بيده الميزان يخفض القسط و يرفعه و ذلك الميزان هو الذي أنزله إلى الأرض بقوله ﴿وَ وَضَعَ الْمِيزٰانَ﴾ [الرحمن:7] ثم قال إنه يرفع إليه عمل النهار قبل عمل الليل و عمل الليل قبل عمل النهار كذلك الخليفة نرفع إليه أعمال الرعية يرفعها إليه عماله و جباته فيقبل منها ما شاء و يرد منها ما شاء فكل ما ذكره الحق لنفسه من التصرف في خلقه و لم يعينه جعل للإمام أن يتصرف به في عباده ثم إن اللّٰه جعل له أعداء ينازعونه في ألوهيته كفرعون و أمثاله كذلك جعل اللّٰه للخلفاء منازعين في رتبتهم و جعل له أن يقاتلهم و يقتلهم إذا ظفر بمن ظفر منهم كما يفعل سبحانه مع المشركين و مدة إقامتهم كمدة إمهال اللّٰه إياهم و أخذ الخليفة و ظفره بهم كزمان الموت لهؤلاء حتى لو قابلت النسختين ما اختلفتا في حرف واحد في الحكم و كما إن الحق يحكم بسابق علمه في خلقه يحكم الخليفة بغلبة ظنه لأن الخليفة ليست له مرتبة العلم بكل ما يجري في ملكه و لا يعلم المحق من المبطل و إنما هو بحسب ما تقوله البينة كما يفعله اللّٰه مع خلقه مع علمه يقيم على خلقه يوم القيامة الشهود فلا يعاقبهم إلا بعد إقامة البينة عليهم مع علمه و بهذا قال من قال إنه ليس للحاكم أن يحكم بعلمه أما في العالم فللتهمة بما له من الغرض و أما في جانب الحق فلإقامة الحجة على المحكوم عليه حتى لا يأخذه في الآخرة إلا بما شرع له من الحكم به في الدنيا على لسان رسوله ﷺ و لهذا يقول الرسول لربه عن أمر ربه
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية