اعلم أن اللّٰه خلق في جوف هذا الكرسي الذي ذكرناه جسما شفافا مستديرا قسمه اثني عشر قسما سمي الأقسام بروجا و هي التي أقسم بها لنا في كتابه فقال تعالى ﴿وَ السَّمٰاءِ ذٰاتِ الْبُرُوجِ﴾ [البروج:1] و أسكن كل برج منها ملكا هم لأهل الجنة كالعناصر لأهل الدنيا فهم ما بين مائي و ترابي و هوائي و ناري و عن هؤلاء يتكون في الجنات ما يتكون و يستحيل فيها ما يستحيل و يفسد ما يفسد أعني ينفسد بتغير نظامه إلى أمر آخر ما هو الفساد المذموم المستخبث فهذا معنى يفسد فلا تتوهم و من هنا قالت الإمامية بالاثني عشر إماما فإن هؤلاء الملائكة أئمة العالم الذي تحت إحاطتهم و من كون هؤلاء الاثني عشر لا يتغيرون عن منازلهم لذلك قالت الإمامية بعصمة الأئمة لكنهم لا يشعرون أن الإمداد يأتي إليهم من هذا المكان و إذا سعد و أسرت أرواحهم في هذه المعارج بعد الفصل و القضاء النافذ بهم إلى هذا الفلك تنتهي لا تتعداه فإنها لم تعتقد سواه فهم و إن كانوا اثني عشر فهم على أربع مراتب لأن العرش على أربع قوائم و المنازل ثلاثة دنيا و برزخ و آخرة و ما ثم رابع و لكل منزل من هذه المنازل أربعة لا بد منهم لهم الحكم في أهل هذه المنازل فإذا ضربت ثلاثة في أربعة كان الخارج من هذا الضرب اثني عشر فلذلك كانوا اثني عشر برجا و لما كانت الدار الدنيا تعود نارا في الآخرة بقي حكم الأربعة عليها التي لها و البرزخ في سوق الجنة و لا بد فيه من حكم الأربعة و الجنة لا بد فيها من حكم الأربعة فلا بد من البروج فالحمل و الأسد و القوس على مرتبة واحدة من الأربعة في مزاجهم و الثور و السنبلة و الجدي على مرتبة أخرى ولاة أيضا و الجوزاء و الميزان و الدالي على مرتبة أخرى ولاة أيضا و السرطان و العقرب و الحوت على مرتبة أخرى ولاة أيضا لأن كل واحد من كل ثلاثة على طبيعة واحدة في مزاجهم لكن منازل أحكامهم ثلاثة و هم أربعة ولاة في كل منزل و كل واحد منهم له الحكم في كل منزل من الثلاثة كما إن اليوم و الليلة لواحد من السبع الجواري الخنس الكنس هو و إليها و صاحبها الحاكم فيها و لكن للباقي من الجواري فيه حكم مع صاحب اليوم فلا يستقل دون الجماعة إلا بأول ساعة من يومه و ثامن ساعة و كذلك الليل و الآخرة مثل ذلك و إن كان لها الأسد كما كان للدنيا السرطان فلا بد لباقي البروج من حكم فيها كذلك البرزخ و إن كان له السنبلة فلا بد لكل واحد من الباقين من حكم فيها و ما ثم منزل ثالث إلا بتبدل الدنيا بالنار فإنه قد كان صاحب الدنيا بحكم الأصل السرطان فلما عادت نارا عزل السرطان و وليها برج الميزان و تبعه الباقون في الحكم فانظر ما أعجب هذا فإذا انقضى عذاب أهل النار وليها برج الجوزاء و لا بد لمن بقي من البروج حكم في ولاية هذا الوالي و إذا كان الحكم لواحد من هؤلاء في وقت نظره فيهم كان مزاج القابل في الآخرة على حكم النقيض حتى يتنعم به إذا حكم عليه هذا في المال خاصة لأن المال رحمة مطلقة عامة
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية