و هي العقول لا تدركه بأفكارها فتعجز عن الوصول إلى مطلوبها و الظفر به ﴿وَ عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمٰاءَ كُلَّهٰا﴾ [البقرة:31] و أمره بتعليم الملإ الأعلى و أمر من في السموات و الأرض بالنظر فيما يستحقه هذا النائب فسخر له جميع من في السموات و الأرض حتى المقول عليه الإنسان من حيث تماميته لا من حيث كماليته فهذا النوع المشارك له في الاسم إذا لم يكمل هو من جملة المسخرين لمن كمل و الحق في كماله بالغنى عن العالمين و هو وحده أعني الإنسان الكامل يعبد ربه الغني عنه فكماله إن لا يستغني عنه و ما ثم من يعبده من غير تسبيح إلا الكامل فإن التجلي له دائم فحكم الشهود له لازم فهو أكمل الموجودات معرفة بالله و أدومهم شهودا و له إلى الحق نظران و لهذا جعل له عينين فينظر بالعين الواحدة إليه من كونه غنيا عن العالمين فلا يراه في شيء و لا في نفسه و ينظر إليه بالعين الأخرى من اسمه الرحمن بكونه يطلب العالم و يطلبه العالم فيراه ساري الوجود في كل شيء فيفتقر بهذه النظرة من هذه العين إلى كل شيء من حيث ما هي الأشياء أسماء الحق لا من حيث أعيانها فلا أفقر من الإنسان الكامل إلى العالم لأنه يشهده مسخرا له فعلم أنه لو لا ما هو عليه من الحاجة إلى ما سخروا فيه من أجله ما سخروا فيعرف نفسه أنه أحوج إلى العالم من العالم إليه فقام له هذا الفقر العام مقام الغني الإلهي العام فنزل في العالم في الفقر منزلة الحق من حيث الأسماء الإلهية التي تطلب التأثير في العالم فما ظهر في فقره إلا ظهور أسماء الحق فهو حق في غناه عن العالم لأن العالم مسخر في حقه بتأثير الأسماء الإلهية فيه أعني في العالم فما يسخر له إلا من له التأثير لا من حيث عين العالم فلم يفتقر إلا لله و هو حق في فقره إلى العالم فإنه لما علم إن اللّٰه ما سخر العالم لهذا الإنسان إلا ليشتغل العالم بما كلفهم من التسخير عن طلب العلم به من حيث الشهود فإن ذلك ليس لهم لأنهم نازلون عن رتبة الكمال أظهر الإنسان الكامل الحاجة لما سخر فيه العالم فقوى التسخير في العالم لئلا يفرطوا فيما أمرهم الحق به من ذلك لأنهم ﴿لاٰ يَعْصُونَ اللّٰهَ مٰا أَمَرَهُمْ﴾ [التحريم:6]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية