[أن الظهور ينقسم إلى قسمين]
ثم اعلم أن الظهور الذي نحن بصدده ينقسم الظاهر فيه إلى قسمين قسم له ظهوره خاصة و ليس له أمر يعتمد عليه ظهوره من جانب الحق و قسم آخر يكون له من جانب الحق أمر يعتمد عليه و ليس ذلك إلا للإنسان الكامل خاصة فإن له الظهور و الاعتماد لكون الصورة الإلهية تحفظه حيث كان و غير الإنسان الكامل له الظهور من إنسان و حيوان و نبات و أفلاك و أملاك و غير ذلك فهذا كله نعم أظهرها الحق لينعم بها الإنسان الكامل فلها الظهور و ما لها الاعتماد لأنها مقصودة لغير أعيانها و الإنسان الكامل مقصود لعينه لأنه ظاهر الصورة الإلهية و هو الظاهر و الباطن فليس عين ما ظهر بغير لعين ما بطن فافهم فهو الباقي ببقاء اللّٰه و ما عداه فهو الباقي بإبقاء اللّٰه و حكم ما هو بالإبقاء يخالف حكم ما هو بالبقاء فما هو بالبقاء فله دوام العين و ما هو بالإبقاء فله دوام الأمثال لا دوام العين حتى لا يزال المتنعم متنعما و النعم تتوالى عليه دائمة مستمرة و ما أنشأ اللّٰه من كل شيء زوجين : إلا ليعرف اللّٰه العالم بفضل نشأة الإنسان الكامل ليعلم أن فضله ليس بالجعل فإن الذي هو الإنسان الكامل ظهر به ازدواج من لا يقبل لذاته الازدواج و ما هو بالجعل فضمن الوجود الإنسان الكامل الظاهر بصورة الحق فصار للصورة بالصورة زوجين فخلق آدم على صورته فظهر في الوجود صورتان متماثلتان كصورة الناظر في المرآة ما هي عينه و لا هي غيره لكن حقيقة الجسم الصقيل مع النظر من الناظر أعطى ما ظهر من الصورة و لهذا تختلف باختلاف المرآة لا بالناظر فالحكم في الصورة الأكبر لحضرة المجلى لا للمتجلي كذلك الصورة الإنسانية في حضرة الإمكان لما قبلت الصورة الإلهية لم تظهر على حكم المتجلي من جميع الوجوه فحكم عليها حضرة المجلى و هي الإمكان بخلاف حكم حضرة الواجب الوجود لنفسه فظهر المقدار و الشكل الذي لا يقبله الواجب و هو الناظر في هذه المرآة فهو من حيث حقائقه كلها هو هو و من حيث مقداره و شكله ما هو هو و إنما هو من أثر حضرة الإمكان فيه الذي هو في المرآة تنوع شكلها في نفسها و مقدارها في الكبر و الصغر و لما كان الظاهر بالصورة لا يكون إلا في حال نظر الناظر الذي هو المتجلي لذلك نسب الصورة إلى محل الظهور و إلى النظر فكانت الصورة الظاهرة برزخية بين المحل و الناظر و لكل واحد منهما أثر فيها ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ﴾ [الرحمن:22]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية